للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو العباس القرطبيّ رحمه الله: "الليط": قِطَع القصب، والشَّظير: قطعة العصا، والظُّرَر: قطعة الحجر، ويُجمع على ظِرّان، ويقال عليها: المروة أيضًا، وكذلك رواه أبو داود في هذا الحديث: "أفنذكّي بالمروة؟ " مكان اللَّيط، والشّظاظ: فِلْقة العود، فهذه كلّها إذا قُطع بها الودجان، والحلقوم جازت الذبيحة، غير أنه لا يُذبح بها إلا عند عدم الشِّفَار، وما يتنزّل منزلتها؛ لِمَا ثبت من الأمر بحدّ الأشفار، وتحسين الذبح، والنهي عن تعذيب الحيوان، وقد نبّه مالك على هذا لَمّا ترجم على الذكاة بالشِّظَاظ: "ما يجوز من الذكاة على الضرورة".

ومعنى هذا السؤال أنهم لَمّا كانوا عازمين على قتال العدوّ، صانوا ما عندهم من السيوف، والأسنّة، وغير ذلك عن استعمالها في الذبح؛ لأن ذلك ربّما يفسد الآلة، أو يَعِيبها، أو ينقُص قطعها، ولم تكن لهم سكاكين صغار مُعدّة للذبح، فسألوا هل يجوز لهم الذبح بغير محدّد السلاح؟ فأجابهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بما يقتضي الجواز، وقد دخل في هذا العموم أن كلّ آلة تقطع ذبحًا، أو نحرًا، فالذكاة بها مبيحة للذبيحة، والحديد الْمُجْهِز أَولى؛ لِمَا تقدّم، ولا يُستثنى من الآلات شيء إلا السنّ، والظفر على ما يأتي. انتهى كلام القرطبيّ (١).

(قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "أَعْجِلْ، أَو أَرْنِي) وفي بعض النسخ: "أو أرن قال النوويّ رحمه الله: أمّا "أَعْجِلْ " فهو بكسر الجيم، وأما "أَرِنْ" فبفتح الهمزة، وكسر الراء، وإسكان النون، ورُوي بإسكان الراء، وكسر النون، ورُوي "أَرْني" بإسكان الراء، وزيادة ياء، وكذا وقع هنا في أكثر النسخ، قال الخطابيّ: صوابه: "أَرْنِ" على وزن أَعْجِلْ، وهو بمعناه، وهو من النشاط والخِفّة؛ أي: أعجِل ذبحها؛ لئلا تموت خَنْقًا، قال: وقد يكون "أَرِنْ" على وزن أَطِعْ؛ أي: أهلِكها ذبحًا، من أران القومُ: إذا هلكت مواشيهم، قال: ويكون أَرْنِ على وزن أَعْط بمعنى أَدِمِ الْحَزّ، ولا تَفْتُر، من قولهم: رَنَوْتُ: إذا أدمت النظر، وفي "الصحيح": "أَرْنِ": بمعنى أَعْجِلْ، وأن هذا شكّ من الراوي، هل قال: "أَرْنِ أو قال: "أَعْجِلْ".


(١) "المفهم" ٥/ ٣٦٧ - ٣٦٨.