للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على القول بأن أقلّ الجمع اثنان، وهو القول الراجح، كما حققته في "التحفة المَرْضيّة"، و"شرحها" في الأصول.

وأما ما وقع عند بعض الشرّاح (١) من تغليط ما وقع في النسخ، وإصلاحه بقوله: "بمثل حديثهما"، مع أنه لا يوجد على هذا الإصلاح نسخة من نُسخ الكتاب، فمما لا ينبغي، وهو تصرّف غير مقبول، فتنبّه، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقوله: (لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ) قال في "العمدة": في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتمنى من أفعال الخير ما يعلم أنه لا يعطاه؛ حرصًا منه على الوصول إلى أعلى درجات الشاكرين، وبذلًا لنفسه في مرضاة ربه، وإعلاء كلمة دينه، ورغبته في الازدياد من ثواب ربه، ولتتأسى به أمته في ذلك، وقد يثاب المرء على نيته.

وفيه إباحة القَسَم بالله على كلّ ما يعتقده المرء بما يحتاج فيه إلى يمين، وما لا يحتاج، وكذا ما كان يقول في كلامه: "لا، ومقلِّب القلوب"؛ لأن في اليمين بالله توحيدًا وتعظيمًا له تعالى، وإنما يُكره تعمّد الحنْث.

وفيه أن الجهاد ليس بفرض عين على كل أحد، ولو كان عينًا ما تخلف النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا أباح لغيره التخلف عنه، ولو شقّ على أمته إذا كانوا يطيقونه، هذا إذا كان العدوّ لم يفجأ المسلمين في دارهم، ولا ظهر عليهم، وإلا فهو فرض عَيْن على كل من له قوّة.

وفيه أن الإمام والعالم يجوز لهما ترك فعل الطاعة، إذا لم يُطق أصحابه، ونصحاؤه على الإتيان بمثل ما يقدر عليه هو منها، إلى وقت قدرة الجميع عليها، وذلك من كرم الصحبة، وآداب الأخلاق.

وفيه عِظَم فضل الشهادة. انتهى (٢).

[تنبيه]: رواية سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد هذه ساقها أبو عوانة - رحمه الله - في "مسنده"، فقال:

(٧٣٠٩) - حدّثنا الترمذيّ، قال: ثنا الحميديّ، قال: ثنا سفيان، قال:


(١) هو: الشيخ الهرريّ، راجع: شرحه ٢٠/ ١٧٥.
(٢) "عمدة القاري" ١٤/ ٩٦.