قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن قول جابر - رضي الله عنه - هذا لا يدلّ إلا على أنه يظنّ معرفتها، لا أنه مستيقن لذلك، بدليل قول ابن عمر:"فما اجتمع منا اثنان على الشجرة"، وقول والد سعيد:"فَنَسُوها من العام المقبل"، وقول سعيد:"إن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يعلموها"، فتأمّل.
وأما أمْر عمر - رضي الله عنه - بقطعها، فلا يدلّ على معرفتهم لها، بل على ظنّهم، فإنه لَمّا رآهم يعظّمون الشجرة، خاف المفسدة في ذلك، فقطعها، سواء كانت هي، أو غيرها؛ لأن مبنى الافتتان يكفيه الظنّ، فتأمله.
والحاصل أن تلك الشجرة الأصليّة لم تُعرف، بل أخفاها الله تعالى رحمة بالأمة، كما قال ابن عمر - رضي الله عنهما -، وأما العبادة تحت الشجرة فلا يدلّ على معرفتها، بل على ظنهم لها، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى وليّ التوفيق.
[تنبيه]: مما رأيت التنبيه عليه ما كتبه صاحب "تكملة فتح الملهم" فيه (٣/ ٣٦٣ - ٣٦٧) حيث تكلّم عن مسألة التبرّك بآثار الأنبياء والصالحين، ثم تطرّق لزيارة هذه المشاهد التي امتلأت الدنيا بها، وافتتن بها العوامّ، بل وبعض من يزعم أنه من الخواصّ، وأورد أحاديث وآثارًا، وليس في شيء منها التبرّك بآثار الصالحين، بل كلّها آثار للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا خلاف في التبرّك بآثاره - صلى الله عليه وسلم -، وإنما الكلام في غيره، ولا تراه أورد شيئًا من تبرّك الصحابة بالصدّيق، ولا بأحد من الخلفاء الراشدين، ولا تبرّك التابعين بآثار الصحابة - رضي الله عنهم -؛ لأنه لم يوجد ذلك في التاريخ، فهلّا يُثبت لنا شيئًا من ذلك، هيهات هيهات.
وبالجملة إن هذا الذي كتبه، وبحث فيه في كتابه المذكور فيه فتحٌ لباب الشرّ، ونشرٌ لوسائل الشرك، وحثٌّ على الانحراف عن الصراط المستقيم، فلا تغترّ به، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث سعيد بن الْمُسَيِّب، عن أبيه هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٨/ ٤٨١١ و ٤٨١٢ و ٤٨١٣](١٨٥٩)، و (البخاريّ) في "المغازي"(٤١٦٢ و ٤١٦٣ و ٤١٦٤ و ٤١٦٥)، و (أحمد) في