للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بعضهم بالنصب على الظرفيّة؛ أي: في الزمن الأول، والأول هو الظاهر، والمعنى أن شأنك هذا يُشبه معنى قول القائل في الزمان السابق: اللهم أبغني. . . إلخ، وفي رواية أحمد في "مسنده": "إنك كالذي قال" (١)، ولم يذكر لفظ الأول. (اللَّهُمَّ أَبْغِنِي) بقطع الهمزة، ووصلها، من أبغاه، وبغاه، رباعيًّا، وثلاثيًّا؛ أي: طلَب له؛ أي: اطلب لي، والمراد: ارزُقني، قال القرطبيّ: يقال: بَغَيتُ الشيءَ من فلان، فأبغانيه؛ أي: أعطاني ما طلبته. انتهى (٢).

وقال المجد رحمه الله: بَغَته أبغيه، بُغاءً، وبُغًى، وبُغيةً بضمّهنّ، وبِغْيةً بالكسر: طلبته، قال: وأبغاه الشيءَ: طلبه له؛ كبغَاهُ إيّاه، كرَمَاهُ، أو أعانه على طلبه. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن من عبارة المجد رحمه الله المذكورة - حيث قال: وأبغاه الشيءَ؛ كبغاه إياه - أن "أبغني" هنا يجوز بقطع الهمزة، ووَصْلها، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.

(حَبِيبًا) منصوب على أنه مفعول ثانٍ لـ "أبغني"، (هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي") هذا إشارة إلى أن سلمة آثر عمه على نفسه بما أعطاه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع احتياجه إليه، فصار كمن يدعو الله تعالى أن ييسّر له رجلًا حبيبًا يكون أحبّ إليه من نفسه، ففيه من مدح سلمة بالإيثار ما لا يخفى، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا) من المراسلة؛ أي: أرسلوا إلينا، وأرسلنا إليهم في شأن الصلح، قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو في أكثر النسخ: "راسلونا" من المراسلة، وفي بعضها: "رَاسُّونا" بضم السين المهملة المشدّدة، وحَكَى القاضي عياض فَتْحها أيضًا، وهما بمعنى راسلونا، مأخوذ من قولهم: رَسَّ الحديث يَرُسُّهُ: إذا ابتدأه، وقيل: من رَسَّ بينهم؛ أي: أصلح، وقيل: معناه: فاتحونا، من قولهم: بلغني رَسٌّ من الخبر؛ أي: أوله، ووقع في بعض النسخ: "وَاسَوْنا" بالواو؛ أي: اتفقنا نحن وَهُم على الصلح، والواو فيه بدل من الهمزة، وهو من الأسوة. انتهى (٤).


(١) "مسند الإمام أحمد" ٤/ ٤٩.
(٢) "المفهم" ٣/ ٦٧٠.
(٣) "القاموس المحيط" ص ١٢٠.
(٤) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٧٦.