للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهي صحيحة، يقال: بَزَقَ، وبَصَقَ، وبَسَقَ ثلاث لغات، بمعنًى، والسين قليلة الاستعمال. انتهى (١).

(قَالَ) سلمة: (فَجَاشَتْ)؛ أي: ارتفعت، يقال: جاش الشيء يجيش جَيْشًا: إذا ارتفع، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سبق مرارًا كثيرةً التنبيه على نظائرها. (فَسَقَيْنَا) أنفسنا، ودوابّنا من تلك البئر، (وَاسْتَقَيْنَا)؛ أي: أخذنا من مائها في أوعيتنا لنستعمله عند الحاجة. (قَالَ) سلمة: (ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) بكسر همزة "إن"؛ لوقوعها في الابتداء، كما قال في "الخلاصة":

فَاكْسِرْ فِي الابْتِدَا وَفِي بَدْءِ صِلَهْ … وَحَيْثُ "إنَّ" الِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ

(دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ) - بفتح الموحّدة، وسكون التحتانتة -: أصلها: الصَّفْقة على إيجاب البيع، وجمعها: بَيْعَاتٌ بالسكون، ويُحرَّك في لغة هُذيل، وتُطْلق على المبايعة، والطاعة (٢)، وهي المرادة هنا، وهي بيعة الرضوان. (فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ) هي الشجرة التي ذكرها الله تعالى في قوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (١٨)} [الفتح: ١٨]. (قَالَ) سلمة: (فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ) بنصب "أوّل" على الظرفيّة لـ "بايعتُ"، (ثُمَّ) بعد مبايعتي (بَايَعَ) - صلى الله عليه وسلم - الناس (وَبَايَعَ) بعدهم آخرين، (حَتَّى إِذَا كَانَ) - صلى الله عليه وسلم - (فِي وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ)؛ أي: في مبايعتهم (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("بَايعْ يَا سَلَمَةُ"، قَالَ) سلمة (قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللهِ فِي أَوَّلِ النَّاس، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("وَأَيْضًا" أي: وبايعْ كذلك مرّة ثانيةً.

[فائدة]: قوله: "أيضًا" منصوب على المصدريّة، يقال: آض يئيض أيْضًا؛ كباع يبيع بيعًا: إذا رجع، فقولهم: افعَلْ ذلك أيضًا، معناه: افعله عَوْدًا إلى تقدّم، قاله الفيّوميّ (٣).

وقال ابن عابدين رحمه الله: قولهم: "أيضًا" هو مصدر آض يَئِيض أَيْضًا، كباع، تحرّكت الياء، وانفتح ما قبلها، فقُلبت ألفًا، وأصل يئيض: يَيْئِضُ،


(١) شرح النوويّ" ١٢/ ١٧٥.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٦٩.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٣٣.