للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يَقْتَطِعُوكَ، حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ، قَالَ: يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِن بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِر، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَة، قَالَ: فَخَلَّيْتُهُ، فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَن، قَالَ: فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ، وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَن، فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِه، وَلَحِقَ أبو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَبْدِ الرَّحْمَن، فَطَعَنَهُ، فَقَتَلَهُ، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو عَلَى رِجْلَيَّ، حَتَّى مَا أَرَى وَرَائِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا غُبَارِهِمْ شَيْئًا، حَتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ، فِيهِ مَاءٌ، يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ؛ لِيَشْرَبُوا مِنْهُ، وَهُمْ عِطَاشٌ، قَالَ: فَنَظَرُوا (١) إلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَحَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ - يَعْنى: أَجْلَيْتُهُمْ عَنْهُ - فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً، قَالَ: وَيَخْرُجُونَ، فَيَشْتَدُّونَ فِي ثَنِيَّةٍ، قَالَ: فَأَعْدُو، فَأَلْحَقُ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَأَصُكُّهُ بسَهْمٍ في نُغْضِ كَتِفِه، قَالَ: قُلْتُ: خُذْهَا (٢):

وَأنَا ابْنُ الأَكْوَع … وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّع

قَالَ: يَا ثَكِلَتْهُ أمُّهُ أَكوَعُهُ بُكْرَةً؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِه، أَكْوَعكَ بُكْرَةَ، قَالَ: وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ عَلَى ثَنِيَّةٍ، قَالَ: فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ، وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ؛ فَتَوَضَّأتُ، وَشَرِبْتُ، ثُمَّ أتيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الإبِلَ، وَكُلَّ شَيْءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ، وَإِذَا بِلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الابِلِ الَّذِي اسْتَنْقَذْتُ مِنَ الْقَوْم، وَإِذَا هُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كَبدِهَا، وَسَنَامِهَا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ خَلِّنِي، فَأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ، فَأَتَّبعُ الْقَوْمَ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ، إِلَّا قَتَلْتُهُ، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِي ضَوْءِ النَّار، فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ، أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلًا؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، فَقَالَ: "إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِي أَرْضِ غَطَفَانَ"، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، فَقَالَ: نَحَرَ لَهُمْ فُلَانٌ جَزُورًا، فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا، فَقَالُوا: أتاكُمُ الْقَوْمُ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا


(١) وفي نسخة: "نظروا".
(٢) وفي نسخة: "قلت: نعم خذها".