وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله، أَسْقِي فَرَسَهُ، وَأَحُسُّهُ، وَأَخْدُمُهُ، وَآكُلُ مِنْ طَعَامِه، وَتَرَكْتُ أَهْلِي، وَمَالِي، مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ، أتيْتُ شَجَرَةً، فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا، فَاضْطَجَعْتُ فِي أَصْلِهَا، قَالَ: فَأَتَانِي أَرْبَعَة مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَبْغَضْتُهُمْ، فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرةٍ أُخْرَى، وَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ، وَاضْطَجَعُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ، قَالَ: فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الأَرْبَعَةِ، وَهُمْ رُقُودٌ، فَأَخَذْتُ (١) سِلَاحَهُمْ، فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا في يَدِي، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ: وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ، لَا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ، إِلَّا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَبَلَات، يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ، يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَرَسٍ، مُجَفَّفٍ فِي سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "دَعُوهُمْ، يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُور، وَثنَاهُ"، فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنْزَلَ اللهُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} الآية كُلَّهَا [الفتح: ٢٤]. قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَة، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي لَحْيَانَ جَبَلٌ، وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ رَقِيَ هَذَا الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ؛ كَأنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِه، قَالَ سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْن، أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحِ غُلَامِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأنَا مَعَهُ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْر، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ خُذْ هَذَا الْفَرَسَ، فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ الله، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِه، قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ، فَاسْتَقْبَلْتُ
(١) وفي نسخة: "وأخذت".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute