للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بقوله: "عاملي"، فقيل: الخليفة بعده، وهذا هو المعتمد، وهو الذي يوافق ما تقدم في حديث عمر - رضي الله عنه -، وقيل: يريد بذلك: العامل على النخل، وبه جزم الطبريّ، وابن بطال، وأبعدَ من قال: المراد بعامله حافر قبره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال ابن دحية في "الخصائص": المراد بعامله خادمه، وقيل: العامل على الصدقة، وقيل: العامل فيها كالأجير، قاله في "الفتح" (١).

وأفاد في موضع آخر أن الخلاف على خمسة أقوال: الأول: الخليفة، والثاني: الصانع، والثالث: الناظر، والرابع: الخادم، والخامس: حافر قبره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا إن كان المراد بالخادم الجنس، وإلا فإن كان الضمير للنخل، فيتحد مع الصانع، أو الناظر، وقد أشار البخاريّ: إلى ترجيح حمل العامل على الناظر، حيث ترجم في "الوصايا" "باب نفقة قيّم الوقف"، ثم أورد الحديث. انتهى (٢).

وقوله: (فَهُوَ صَدَقَةٌ") جملة في محلّ خبر المبتدأ، وهو "ما تركت"، ودخلت الفاء؛ لِمَا في المبتدأ من معنى العموم، كما هو مشهور في محلّه من كتب النحو.

[تنبيه]: قال في "الفتح": ومما يُسأل عنه تخصيص النساء بالنفقة، والمؤنة بالعامل، وهل بينهما مغايرة؟.

وقد أجاب عنه السبكيّ الكبير بأن المؤنة في اللغة: القيام بالكفاية، والإنفاقُ: بذل القوت، قال: وهذا يقتضي أن النفقة دون المؤنة، والسرّ في التخصيص المذكور الإشارة إلى أن أزواجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمّا اخترن الله ورسوله والدار الآخرة كان لا بُدّ لهنّ من القوت، فاقتصر على ما يدلُّ عليه، والعاملُ لَمّا كان في صورة الأجير، فيحتاج إلى ما يكفيه اقتصر على ما يدلّ عليه. انتهى ملخصًا.

ويؤيده قول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: "إن حرفتي كانت تكفي عائلتي، فاشتغلت عن ذلك بأمر المسلمين"، فجعلوا له قَدْر كفايته.


(١) "الفتح" ٧/ ٣٦٣، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣٠٩٦).
(٢) راجع: "الفتح" ١٥/ ٤٢٥، كتاب"الفرائض" رقم (٦٧٢٩).