للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أي للمباهاة والرياء، كما كان عادة للجاهليّة، ولأنه من التفاؤل القبيح (١).

وقال القرطبيّ: إنما وصّى باجتناب هذين الأمرين؛ لأنهما من عمل الجاهليّة، ولنهي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الظاهر أن قول عمرو - رضي الله عنه -: "فإذا أنا متّ … " إلى آخر كلامه إنما قاله مما سمعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فيكون له حكم الرفع، ويحتمل أن يكون اجتهادًا منه - رضي الله عنه -، ومهما كان الأمر فإن له أدلةً أخرى من النصوص المرفوعة تؤيّده، سيأتي بيانها في "كتاب الجنائز" - إن شاء الله تعالى -.

(فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي) أي أردتم دفني (فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا) أي صُبّوه صبًّا بسهولة، قال النوويّ: ضبطناه بالسين المهملة وبالمعجمة، وكذا قال القاضي: إنه بالمعجمة والمهملة، قال: وهو الصبّ، وقيل: بالمهملة: الصبّ في سُهُولة، وبالمعجمة: التفريق. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ: رُوي هذا الحديث بالسين المهملة والمعجمة، فقيل: هما بمعنى واحد، وهو الصبّ، وقيل: هو بالمهملة: الصبّ في سُهولة، وبالمعجمة: صبّ في تفريق، وهذه سنّةٌ في صبّ التراب على الميت في القبر، قاله عياض، وقد كَرِه مالك في "الْعُتبيّة" (٤) الترصيص على القبر بالحجارة والطوب. انتهى (٥).

وقال الطيبيّ: معنى "شُنُّوا عليّ التراب": أي ضَعُوه وَضْعًا سَهْلًا (٦).

(ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي، قَدْرَ مَا تُنْحَرُ) بالبناء للمفعول، يقال: نَحَرَ البعيرَ، من باب مَنَعَ: إذا طعنه حيث يبدو الْحُلْقُومُ على الصدر قاله المجد (٧). (جَزُورٌ)


(١) راجع: "مرقاة المفاتيح" ٤/ ١٩٦.
(٢) "المفهم" ١/ ٣٣٠.
(٣) "شرح النوويّ" ٢/ ١٣٨.
(٤) "العتبية" مسائل في مذهب الإمام مالك، منسوبة إلى مصنّفها محمد بن أحمد العُتبيّ القرطبيّ المتوفى سنة (٢٥٤ هـ).
(٥) "المفهم" ١/ ٣٣٠.
(٦) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٤١٣.
(٧) "القاموس المحيط" ص ٤٣٢ - ٤٣٣.