للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[تنبيه]: قال صاحب "التنبيه": لا أعرف الرجل المذكور، ولا أهله، وصبيته. انتهى (١).

(ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَوَجَدَ الصِّبْيَةَ) بكسر الصاد المهملة: جمع صَبيّ، وهو الصغير، ويُجمع أيضًا على صِبيان (قَدْ نَامُوا، فَأَتَاهُ أَهْلُهُ بِطَعَامِهِ، فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ أَجْلِ صِبْيَتِهِ)؛ أي: من أجل أنهم ناموا قبل الأكل (ثُمَّ بَدَا لَهُ)؛ أي: ظهر لهذا الرجل أن يأكل بعدما حَلَف (فَأَكَلَ، فَأَتَى رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ)؛ أي: أَكْله بعد الحلف (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ"؛ أي: على أمر محلوف عليه (فَرَأَى غَيْرَهَا) أنّث الضمير؛ لكون اليمين مؤنّثة (خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِهَا)؛ أي: فليفعل الشيء المحلوف عليه (وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ") وفي نسخة: "وليكفّر يمينه وفي الرواية الآتية: "فليُكفّر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير قال القرطبيّ رحمه الله: هذا أمر من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بتقديم الكفَّارة على الحنث، وهو نص الردِّ على أبي حنيفة، فإن أقلّ مراتب هذا الأمر أن يكون من باب الإرشاد إلى المصلحة، وأقلّ مراتب المصلحة أن تكون مباحة، فالكفارة قبل الحنث جائزة مجزية، وقد تضافر على هذا المعنى فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم - المتقدِّم في حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، وأمره هذا، وكذلك حديث عديّ -رضي الله عنه- الآتي بعد هذا.

قال: وقوله: "فليفعل الذي هو خير أي: الذي هو أكثر خيرًا؛ أي: الذي هو أصلح، يعني: من الاستمرار على موجب اليمين، أو ما يخالف ذلك مما يحنث به، والأصلح تارة يكون من جهة الثواب وكثرته، وهو الذي أشار إليه في حديث عديّ -رضي الله عنه-، حيث قال: "فليأت التقوى"، وقد يكون من حيث المصلحة الراجحة الدنيويَّة التي تطرأ عليه بسبب تركها حرجٌ ومشقَّةٌ، وهي التي أشار إليها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يكفّر"، رواه مسلم، يعني بذلك أن استمراره على مقتضى يمينه إذا أفضى به إلى الحرج -وهو المشقة- قد يفضي به إلى أن يأثم، فالأولى به أن يفعل ما


(١) "تنبيه المعلم" (ص ٢٧٩).