أي: عن ذكر الخصلة الثالثة (أَوْ قَالَهَا)؛ أي: ذكرها سعيد (فَأُنسِيتُهَا) بضم أوله من الإنساء رباعيًّا؛ أي: أنسانيها الشيطان، ولفظ البخاريّ:"فنسيتها، من النسيان ثلاثيًّا.
قال النوويّ: الساكت ابن عبّاس، والناسي سعيد. انتهى، وفيه نظر؛ لِمَا يأتي.
وقال الحافظ -رحمه الله-: قوله: "وسكت عن الثالثة، أو قال، فنسيتها" يَحْتَمِل أن يكون القائل ذلك هو سعيد بن جبير، ثم وجدت عند الإسماعيليّ التصريح بأن قائل ذلك هو ابن عيينة، وفي "مسند الحميديّ"، ومن طريقه أبو نعيم في "المستخرج" قال سفيان: قال سليمان -أي: ابن أبي مسلم-: لا أدري أذكر سعيد بن جبير الثالثة، فنسيتها، أو سكت عنها؟ وهذا هو الأرجح.
قال الداوديّ: الثالثة: الوصية بالقرآن، وبه جزم ابن التين، وقال المهلَّب: بل هو تجهيز جيش أسامة، وقوّاه ابن بطال بأن الصحابة -رضي الله عنهم- لَمّا اختلفوا على أبي بكر -رضي الله عنه- في تنفيذ جيش أسامة، قال لهم أبو بكر: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَهِدَ بذلك عند موته.
وقال القاضي عياض: يَحْتَمِل أن تكون هي قوله: "ولا تتخذوا قبري وثنًا"، فإنها ثبتت في "الموطأ" مقرونة بالأمر بإخراج اليهود، وَيحْتَمِل أن يكون ما وقع في حديث أنس: أنها قوله: "الصلاة، وما ملكت أيمانكم"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسأئل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٤٢٢٤ و ٤٢٢٥ و ٤٢٢٦، (١٦٣٧)، و (البخاريّ) في "العلم" (١١٤) و"الجهاد" (٣٠٥٣) و"المغازي" (٤٤٣١ و ٤٤٣٢) و"المرضى" (٥٦٦٩) و"الاعتصام" (٧٣٦٦)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (٥/ ٤٣٨ و ٦/ ٥٧ و ١٠/ ٣٦١)، و (الحميديّ) في "مسنده" (١/ ٢٤١)، و (أحمد) في "مسنده" (١/ ٢٢٢ و ٣٢٤ و ٣٣٦ و ٣٥٥)، و (النسائيّ) في "الكبرى"