للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الموطأ" في هذا الحديث "حنين" بدل "خيبر"، وخالفه محمد بن وَضّاح، عن يحيى بن يحيى، فقال: "خيبر"، مثل الجماعة، وهو الصواب، كما نبَّهَ عليه ابن عبد البر، والله تعالى أعلم.

(فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْنَا، فَلَمْ نَغْنَمْ) بفتح أوله، وثالثه، يقال: غَنِمْتُ الشيءَ أَغْنَمُهُ، من باب تَعِبَ غُنْمًا بالضمّ ومَغْنَمًا، قال أبو عُبيد: "الْغَنِيمةُ": ما نِيلَ من أهل الشرك عَنْوَةً والحرب قائمة، و"الفيءُ": ما نِيلَ منهم بعد أن تَضَعَ الحرب أوزارها. انتهى (١). وقوله: (ذَهَبًا) منصوب على المفعوليّة (وَلَا وَرِقًا) بفتح الواو، وكسر الراء، وتُسكّن للتخفيف: الفضّة المضروبة، ومنهم من يقول: هي الفضّة مضروبةً كانت أو غير مضروبة، قال الفارابيّ: الْوَرِقُ: المال من الدراهم، ويُجمع على أوراق، والرِّقَةُ، مثلُ عِدَةٍ: الوَرِقُ. انتهى.

وفي رواية البخاريّ: "ولم نَغْنَمْ ذهبًا، ولا فضّةً".

(غَنِمْنَا الْمَتَاعَ، وَالطَّعَامَ، وَالثِّيَابَ) وفي رواية البخاريّ: "إنما غَنِمنا البقر، والإبل، والمتاع، والحوائط"، وعند رُوَاة "الموطأ": "إلا الأموال، والثياب، والمتاع"، وعند يحيى الليثيّ وحده: "إلا الأموال، والثياب".

قال الحافظ: والأول هو المحفوظ، ومقتضاه أن الثياب والمتاع لا تُسَمَّى مالًا، وقد نَقَلَ ثعلب، عن ابن الأعرابيّ، عن الْمُفَضَّل الضبيّ قال: المالُ عند العرب الصامت والناطق، فالصامت الذهب والفضة والجوهر، والناطق البعير والبقرة والشاة، فإذا قُلتَ عن حَضَريّ: كَثُرَ ماله، فالمراد الصامت، وإذا قُلتَ عن بَدَويّ، فالمراد الناطق. انتهى.

وقد أطلق أبو قتادة - رضي الله عنه - على البستان مالًا، فقال في قصة السَّلَب الذي تَنَازع فيه هو والقُرَشيّ في غزوة حُنين: "فابتعتُ به مِخْرَفًا، فإنه لأول مال تأثلته"، فالذي يظهر أن المال ما له قيمة، لكن قد يَغْلِب على قوم تخصيصه بشيء، كما حكاه الْمُفَضَّلُ، فتحمل الأموال على المواشي والحوائط، التي ذكرت في رواية الباب، ولا يراد بها النقود؛ لأنه نفاها أوّلًا. انتهى (٢).


(١) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٤ - ٤٥٥.
(٢) "الفتح" ٧/ ٥٥٩ "المغازي" رقم الحديث (٤٢٣٤).