للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مسعود، ولكنَّه عارضه بما رُوي عنه أنَّه قال: الإثم حَوَازُّ القلوب (١).

وروي عن سلمان مثلُ قولِ ابنِ مسعود الأول (٢)، وعن سعيد بن جبير، والحسن البصري، ومُورِّق العِجْليّ، وإبراهيم النَّخعيّ، وابنِ سيرين وغيرهم، والآثار بذلك موجودة في كتاب "الأدب" لحُمَيد ابن زَنجويه، وبعضها في كتاب "الجامع" للخلال، وفي مصنَّفَي عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم.

ومتى علم أنَّ عينَ الشيء حرامٌ، أُخِذَ بوجه محرم، فإنَّه يحرم تناولُه، وقد حَكى الإجماعَ على ذلك ابنُ عبد البرِّ وغيرُه، وقد رُوي عن ابن سيرين في الرجل يُقضى من الربا، قال: لا بأس به، وعن الرجل يُقضى من القمار قال: لا بأس به، خرَّجه الخلال بإسناد صحيح، ورُوي عن الحسن خلاف هذا، وأنَّه قال: إنَّ هذه المكاسب قد فسدت، فخذوا منها شبه المضطَر.

وعارض المروي عن ابن مسعود وسلمان، ما روي عن أبي بكر الصدِّيق أنَّه أكل طعامًا ثم أُخبر أنَّه من حرام، فاستقاءه (٣).

وقد يقع الاشتباه في الحكم، لكون الفرع متردِّدًا بين أصول تجتذبهُ،


(١) قول ابن مسعود هذا، أخرجه: هناد في "الزهد" (٩٣٤)، والطبراني في "الكبير" (٨٧٤٨ و ٨٧٤٩) وذكره الهيثميّ في "المجمع"١/ ١٧٦ وقال: رواه الطبرانيّ كلّه بأسانيد رجالها ثقات.
وقوله: "حواز القلوب": رواه شمر بتشديد الواو، من حاز يحوز، أي: يجمع القلوب ويغلب عليها، والمشهور بتشديد الزاي، وهو المشهور عند المحدّثين: جمع حازة، وهي الأمور التي تَحُزُّ في القلوب وتَحُكُّ وتؤثر. انظر: "النهاية" ١/ ٤٥٩، "تاج العروس" ١٥/ ١٢٥ (حرز).
(٢) أخرجه: عبد الرزاق (١٤٦٧٧).
(٣) أخرجه: البخاري ٥/ ٥٣ (٣٨٤٢)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٥٧٧٠) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، قالت: "كان لأبي بكر غلامٌ يخرج له الخرج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يومًا بشيءٍ فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسنُ الكهانة إلا أني خدعتهُ فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه. فأدخل أبو بكر يده، فقاء كل شيء في بطنه".