للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(غَزَوْنَا غَزَاة) بالفتح منصوب على المصدريّة، وأما بالضم فجمع غاز، ولا يناسب هنا (وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوَيةُ) أي: أميرًا، لا خليفةً؛ فإن زمان خلافته متأخّر عن ذلك بكثير، قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

وهو: معاوية بن أبي سفيان الصحابيّ الشهير، توفّي -رضي الله عنه- في رجب سنة ستّين، وقد تقدّمت ترجمته في "الصلاة" ٨/ ٨٥٨.

(فَغَنِمْنَا) بكسر النون، من باب علم، يقال: غَنِمتُ الشيءَ أغنَمه غُنْمًا بالضمّ إذا أصبته غنيمةً (غَنَائِمَ) جمع غنيمة، وهي ما نِيل من أهل الشرك عَنْوةً، والحرب قائمة، أما ما نيل منهم بعد أن تضع الحرب أوزارها، فيُسمّى فيئًا (٢). (كَثِيرَةً، فَكَانَ فِيمَا غَنِمْنَا آنِيَةٌ) بالرفع على أنه اسم "كان" وخبرها الجارّ والمجرور قبله، وقوله: (مِنْ فِضَّةٍ) بيان لـ "ما غَنِمنا" (فَأَمَرَ مُعَاوِيةُ) -رضي الله عنه- (رَجُلًا) لم يُعرف اسمه (٣). (أَنْ يَبِيعَهَا فِي أَعْطِيَاتِ النَّاسِ) بفتح الهمزة، جمع أعطية، قال المجد -رَحِمَهُ اللهُ-: العطا، وقد يُمدّ: نولك السَّمْحَ، وما يُعطَى، كالعطيّة، جمعه أعطياة، وجمع جمعه أعطيات. انتهى (٤).

والمراد هنا ما يعطاه الجند من المال المرتّب لهم من الدولة شهريًّا، أو سنويًّا، يعني أنه أمر أن تباع آنية الفضة تلك بالدراهم نسيئة إلى أن يخرج عطاء المشتري، وفي رواية البيهقيّ من طريق خالد الحذّاء، عن أبي قلابة، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أنه شَهِد الناس يتبايعون آنية الذهب والفضّة إلى الأعطية.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هذا البيع لهذه الآنية كان بالذراهم، ولذلك أنكره عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، واستَدَلّ عليه بقوله: "الفضة بالفضة"، ولو كان بذهب أو عَرْض لَمَا كان للإنكار، ولا للاستدلال وجه. انتهى (٥).

(فَتَسَارَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ) أي: في شراء تلك الآنية بالدَّراهم، قال القرطبيّ: وهو يدلُّ على أقلية العلماء، وأن الأكثر الجهال، ألا ترى أن


(١) "المفهم" ٤/ ٤٧٣.
(٢) راجع: "المصباح" ٢/ ٤٥٤ - ٤٥٥.
(٣) راجع: "تنبيه المعلم" (ص ٢٦٥).
(٤) "القاموس المحيط" ص ٨٨٦.
(٥) "المفهم" ٤/ ٤٧٣.