للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

انتقل انتقالًا، لا رجوع له، كما لو عَوّضه عن دينه بعوض، ثم تَلِف العوض في يد صاحب الدين، فليس له رجوع، وقال الحنفية: يرجع عند التعذر، وشبّهوه بالضمان.

وقال في "الطرح": ظاهره انتقال الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فإنه لولا ذلك لما قُيِّد الأمر بقبولها بكون المحال عليه مليئًا، فإنه لا ضرر حينئذ عليه في الحوالة على المعسر؛ لبقاء حقه في ذمة المحيل بحاله، وبهذا قال الأئمة الأربعة في الجملة، وقال زفر، والقاسم بن معين: لا يبرأ المحيل كالضمان، وقال عثمان الْبَتِّيّ: لا يبرأ إلا إن اشترط البراءة، وكانت الحوالة على موسر، أو على معسر، وأعلمه بإعساره، فإن لم يُعلمه بإعساره فلا براءة، ولو شرطها. انتهى.

٧ - (ومنها): أنه استُدلَ به على ملازمة المماطل، وإلزامه بدفع الدين، والتوصل إليه بكل طريق، وأخْذه منه قهرًا.

٨ - (ومنها): أن ظاهر الحديث يدلّ على أن المعتبر في صحة الحوالة رضا المحيل والمحتال فقط؛ لأنهما اللذان اعْتَبَر الشرع فعلهما، ذاك بالإحالة، وهذا بقبولها دون المحال عليه، فإنه لا ذكر له في الحديث، وبهذا قال مالك، وأحمد، وهو الأصح عند الشافعية، وذهب الإصطخريّ، والزبيريّ منهم إلى أنه يشترط رضاه أيضًا، فإنه أحد أركان الحوالة، فأشبه المحيل والمحتال، وبهذا قال أبو حنيفة، وذكر صاحب "الهداية" من الحنفية أن الحوالة تصحّ بدون رضا المحيل، وعَلَّله بأن التزام الدين من المحال عليه تصرف في حق نفسه، وهو لا يتضرر به، بل فيه نفعه؛ لأنه لم يرجع عليه إذا لم يكن بأمره. انتهى (١).

٩ - (ومنها): أن فيه الإرشادَ إلى ترك الأسباب القاطعة لاجتماع القلوب؛ لأنه زَجَرَ عن المماطلة، وهي تؤدّي إلى ذلك (٢).

١٠ - (ومنها): استَدَلَّ به ابن حزم على أنه لا تجوز الحوالة إلا على مليء، فلو أحاله على غير مليء فهو فاسد، وحقّه باق على المحيل كما كان، سواء دَرَى أنه غير مليء أم لا.


(١) "طرح التثريب" ٦/ ١٦٦.
(٢) راجع: "الفتح" ٦/ ٦٦ - ٦٧.