للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على خُصُوم، وخِصَار، مثلُ بحر، وبُحور، وبِحَار. انتهى (١). وقوله: (بِالْبَابِ) متعلّقٌ بحال مقدّر؛ أي: كونهما كائنين بالباب، والمراد: باب حُجرة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: (عَالية أَصْوَاتهمَا) يجوز جر "عالية" صفة لـ "خصوم"، ونصبه على الحال، و "أصواتهما" مرفوع على الفاعليّة لعالية؛ لأنه اسم الفاعل يعمل عمل فعله، إذا اعتمد، وقد اعتمد هنا على الموصوف، قال في "الخلاصة":

كَفِعْلِهِ اسْمُ فَاعِل فِي الْعَمَلِ … إِنْ كَانَ عَنْ مُضِيِّهِ بِمَعْزِلِ

وَوَليَ اسْتِفْهَامًا أَوْ حَرْفَ نِدَا … أَوْ نَفْيًا أَوْ جَا صِفَةً أَوْ مُسْنَدَا

ويجوز رفع "عالية" خبرًا مقدّمًا لـ "أصواتهما"، والجملة حال، وإنما ثنى الضمير مع أنه يعود إلى الجمع باعتبار أنَّهما خصمان، أو على القول بأن أدنى الجمع اثنان.

ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "عاليةً أصواتهم"، فقال في "الفتح": قوله: "عالية أصواتهم" في رواية: "أصواتهما"، وكأنه جُمع باعتبار من حضر الخصومة، وثُنِّي باعتبار الخصمين، أو كأن التخاصم من الجانبين بين جماعة، فجُمِع، ثم ثُنِّي باعتبار جنس الخصم، وليس فيه حجة لمن جَوَّز صيغة الجمع بالاثنين كما زعم بعض الشراح. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "وليس فيه حجة إلخ" بلى فيه حجة ظاهرة، وقد حقّقت هذه المسألة في "التحفة المرضيّة"، و "شرحها"، ورجّحت القول بأن أدنى الجمع اثنان؛ لوضوح أدلّته، فراجعه تستفد (٢)، وبالله تعالى التوفيق.

(وَإذَا أَحَدُهُمَا) "إذا" هنا فُجائيّةٌ، و "أحدهما" مبتدأ، خبره قوله: "يستوضع"، وإنما قال: "أحدهما" بتثنية الضمير؛ لِمَا قدّمناه من أنه باعتبار الخصمين.

(يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ) أي: يطلب منه الوضيعة؛ أي: الحطيطة من الدَّين (ويسْتَرْفِقُهُ) أي: يطلب منه أن يرفق به في الاستيفاء، والمطالبة (فِي شَيْءٍ) أي: في حطّ شيء من الدين.


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٧١.
(٢) راجع: "المنحة الرضية شرح التحفة المرضيّة" ٣/ ٢٢٩ - ٢٣٣.