يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أمهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَن، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صوْتَ خُصُومٍ بِالْبَاب، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُمَا، وَإذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَئ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أفعَلُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمَا، فَقَالَ:"أينَ الْمُتَألي عَلَى اللهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ؟ "، قَالَ: أنا يَا رَسُولَ الله، فَلَهُ أَيُ ذَلِكَ أَحَبٍّ).
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
١ - (غيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا) قال النوويّ - رحمه الله -: قال جماعة من الحفاظ: هذا أحد الأحاديث المقطوعة في "صحيح مسلم"، وهي اثنا عشر حديثًا، سبق بيانها في الفصول المذكورة في مقدمة هذا الشرح؛ لأن مسلمًا لم يذكر من سمع منه هذا الحديث.
قال القاضي عياض: إذا قال الراوي: حدّثني غير واحد، أو حدّثني الثقة، أو حدّثني بعض أصحابنا، ليس هو من المقطوع، ولا من المرسل، ولا من المعضل، عند أهل هذا الفنّ، بل هو من باب الرواية عن المجهول، وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب، لكن كيف كان فلا يُحتجّ بهذا المتن من هذه الرواية، لو لم يثبت من طريق آخر، ولكن قد ثبت من طريق آخر، فقد رواه البخاري في "صحيحه" عن إسماعيل بن أبي أويس، ولعل مسلمًا أراد بقوله:"غيرُ واحد" البخاريّ وغيره، وقد حَدَّث مسلم عن إسماعيل هذا من غير واسطة، في "كتاب الحج"، وفي آخر "كتاب الجهاد"، وروى مسلم أيضًا عن أحمد بن يوسف الأزديّ، عن إسماعيل في "كتاب اللعان"، وفي "كتاب الفضائل"، والله أعلم. انتهى كلام النووي - رحمه الله - (١).
وقال في "الفتح": هذا الحديث أخرجه مسلم قال: حدّثنا غير واحد، عن إسماعيل بن أبي أويس، فعده بعضهم في المنقطع، والتحقيق أنه متصل في إسناده مبهم، وقد رواه عن إسماعيل أيضًا محمد بن يحيى الذهْليّ، أخرجه أبو عوانة، والإسماعيليّ، وغيرهما من طريقه، وأخرجه أبو عوانة أيضًا من طريق