الدارقطنيّ، حيث قال: وأخرج حديث هُشيم، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عُمر، عن زيد بن ثابت في بيع الثمر حتى يبدو صلاحها، وبيع العرايا، ويقال: إن هُشيمًا وَهِمَ فيه، وأوّله عن ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعن زيد، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في العرايا فقط.
قال أبو مسعود: أما حديث هُشيم، فقال: حدّثنا يحيى بن يحيى، حدّثنا هُشيم، عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد، ولم يزد على هذا، ومثله حديث عبد الوهّاب الثقفي، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في العرايا فقط، وألغى مسلم حديث الأول، والذي وَهِمَ فيه هُشيم، فلم يُخرجه، إنما أخرجه في عقب حديث زيد، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في العرايا، فلم يتأمّل عليّ بن عمر هذا، ولو تأمّله لم يَنسُب إلى الوهم فيه. انتهى كلام أبي مسعود رحمه الله.
قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد أبو مسعود الدمشقيّ رحمه الله في هذا التعقّب على الدارقطنيّ حيث اعترض على مسلم بما هو بريء منه، فإن صنيعه يدلّ على مهارته في علم الحديث، وقوّة فِطنته في علله حيث تفطّن لوهم هشيم، فذكر متابعته لسليمان بن بلال في أصل الحديث، كما تابعه الثقفيّ، ثم حذف محلّ الوهم، وهذا من جملة ما أشار إليه في أول كتابه بأنه يوضح علل الحديث كلما أتى عليها، فقد أوضح هنا حيث حذف ما وَهِمَ فيه هشيم من متن الحديث، وذكر ما لم يَهِم فيه، وهو الإسناد، وهذا هو غاية الحِذق، فللَّه درّه محدّثًا حافظًا، وناقدًا بصيرًا.
وقد سقتُ في التنبيه الأول حديث هُشيم مما أخرجه البيهقيّ في "الكبرى"، وفيه وهمه المذكور، كما قال الدارقطنيّ، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال: