للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما قاله الحافظ رحمه الله أن ما ذهب إليه الشافعيّ رحمه الله أولى من غيره، وهو أنه يعمل بكل ما دلّت به أحاديث العرايا، وقد تقدّمت صورها، فالعمل بكل الروايات أولى وأحقّ من إلغاء بعضها، فتأمل بالإنصاف، وأما مذهب إليه الحنفيّة من إلغاء أحاديث العريّة، ودفعهم لها بالتأويلات الباردة، والمتعسّفة، فيجب اطّراحه، كما قال القرطبيّ، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقال القرطبيّ رحمه الله أيضًا: قوله: (رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ يَأَخُذُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا، يَأكُلُونَهَا رُطَبًا) الخِرْصُ - بكسر الخاء - هو: اسم للمخروص، وبفتحها هو: المصدر، والرواية هنا: بالكسر، و"أهل البيت" - على مذهب مالك، ومن قال بقوله -: هم الْمُعْرُون، فيضمنون مقدار العرية، فيدفعون ذلك للمُعْرَى له تمرًا عند الجداد رفقًا به حيث كفي المؤن، وأعطي ما يقتات به. ويحصل من ذلك للمُعْرِي دفع ضرر تكرار دخول المعرى له إلى عريته لتعاهدها، وسقيها، واجتنانها، فظهر لمالك: أن العرية إنما رخص فيها لأنها من باب المعروف، والرفق، والتسهيل في فعل الخير، والمعونة عليه، وأما على مذهب الشافعيّ، فأهل البيت عنده هم: المشترون الذين يشترون الرطب بالتمر ليأكلوها رطبًا. فظهر له: أن الموجب لهذه الرخصة هو حاجة من له تمر لأكل الرطب، وقد ذكرنا آنفًا ضعف هذا المعنى. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد مرّ أنه لا ضعف فيما ذهب إليه الشافعيّ رحمه الله، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتصل إلى المؤلف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٣٨٧٤] ( … ) - (وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّاب، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيىَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرَني نَافِعٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ).

رجال هذا الإسناد: أربعة:

وكلهم تقدّموا في السند الماضي، وفي الباب الماضي، و"عبد الوهّاب" هو: ابن عبد المجيد الثقفيّ.


(١) "المفهم" ٤/ ٣٩٤ - ٣٩٥.