للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وسيأتي توجيهه وجوابه (١).

واحتجّ الطحاويّ بقول ابن عمر - رضي الله عنه -: ما أدركت الصفقة، حيًّا مجموعًا، فهو من مال المبتاع.

وتُعقب بأنهم يخالفونه، أما الحنفية، فقالوا: هو من مال البائع، ما لم يره المبتاع، أو ينقله. والمالكية قالوا: إن كان غائبًا غيبة بعيدة، فهو من البائع، وأنه لا حجة فيه؛ لأن الصفقة فيه محمولة على البيع الذي انبرم، لا على ما لم ينبرم، جمعًا بين كلاميه.

(رابع عشرها): قال بعضهم: معنى قوله: "حتى يتفرقا"؛ أي: حتى يتوافقا، يقال للقوم: على ماذا تفارقتم؛ أي: على ماذا اتفقتم.

وتُعُقّب بما ورد في بقية حديث ابن عمر في جميع طرقه، ولا سيما في طريق الليث الآتية بعد حديث.

(خامس عشرها): قال بعضهم: حديث "البيعان بالخيار" جاء بالفاظ مختلفة، فهو مضطرب، لا يُحتجّ به.

وتُعُقّب بأن الجمع بين ما اختلف من ألفاظه، ممكن بغير تكلف، ولا تعسف، فلا يضره الاختلاف، وشرط المضطرب أن يتعذر الجمع بين مختلف ألفاظه، وليس هذا الحديث من ذلك.

(سادس عشرها): قال بعضهم: لا يتعين حمل الخيار في هذا الحديث على خيار الفسخ، فلعله أريد به خيار الشراء، أو خيار الزيادة في الثمن، أو المثمن.


(١) جوابه أنه قد بيّن ذلك بالأحاديث السابقة المصرّحة بخيار المجلس، والجمع بين الحديثين ممكن، بأن يكون بعد العقد فارقه عمر، بأن تقدّمه، أو تأخّر عنه مثلًا، ثم وهب، وليس في الحديث ما يُثبت ذلك، ولا ما ينفيه، فلا معنى للاحتجاج بهذه الواقعة العينيّة في إبطال ما دلّت عليه الأحاديث المصرّحة، من إثبات خيار المجلس، فإنها إن كانت متقدمة على حديث "البيعان بالخيار"، فحديث "البيعان" قاض عليها، وإن كانت متأخرة عنه حُمِل على أنه - صلى الله عليه وسلم - اكتفى بالبيان السابق، واستفيد منه أن المشتري إذا تصرف في المبيع، ولم ينكر البائع كان ذلك قاطعًا لخيار البائع، كما فهمه البخاريّ، والله أعلم. انتهى. "الفتح" ٥/ ٥٧٥.