للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بل هو لُحمة كلحمة النسب، وبهذا قال جماهير العلماء من السلف، والخلف، وأجاز بعض السلف نقله، ولعلهم لم يبلغهم الحديث. انتهى (١).

٢ - (ومنها): ما قاله ابن بطال - رحمه الله -: أجمع العلماء على أنه لا يجوز تحويل النسب، فإذا كان حكم الولاء حكم النسب فكما لا ينتقل النسب لا ينتقل الولاء، وكانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيره فنهى الشرع عن ذلك (٢).

٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رحمه الله -: إنما لم يجز بيع الولاء، ولا هبته؛ للنهي عن ذلك، ولأنه أمر وجوديّ، لا يتأتّى الانفكاك عنه كالنسب، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لُحمة كلُحمة النسب"، فكما لا تنتقل الأبوّة، والجدودة، كذلك لا ينتقل الولاء، قال: غير أنه يصحّ في الولاء جرّ ما يترتّب عليه الميراث، ومثاله أن يتزوّج عبدٌ مُعتقةً، فيولد له منها ولدٌ، فيكون حرًّا بحرّية أمه، ويكون ولاؤه لمواليها، ما دام أبوه عبدًا، فلو أعتقه سيّده عاد ولاؤه لمعتِق أبيه بالاتفاق. انتهى (٣).

قال الحافظ بعد أن ذكر كلام القرطبيّ هذا ما نصّه: وهذا لا يقدح في الأصل المذكور: أن الولاء لحمة كلحمة النسب؛ لأن التشبيه لا يستلزم التسوية من كل وجه. انتهى (٤).

[تنبيه]: قال القرطبيّ - رحمه الله -: للولاء أحكام خاصّة ثبتت بالسنّة:

[منها]: أنه لا يَرِث به إلا العصبات الذكور، ولا مدخل للنساء فيه، إلا فيما أعتقن، أو أعتق من أعتقن.

[ومنها]: أن لا يُورث إلا بالكِبَر، فلا يستحقّ البطن الثاني منه شيئًا ما بقي من البطن الأول شيء، وتفصيل ذلك في الفروع، وقد حُكي عن بعض السلف أن الولاء ينتقل، ولعله إنما يعني به الجرّ. انتهى (٥)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "شرح مسلم" ١٠/ ٣٨٧.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٤٨٥.
(٣) "المفهم" ٤/ ٣٣٩.
(٤) "الفتح" ١٥/ ٤٨٥.
(٥) "المفهم" ٤/ ٣٣٩.