للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الأول أقرب عندي؛ لأن زيادة "لا" كثير في كلام العرب.

ثم إني وجدت في هامش بعض النسخ، ما نصّه: "إني أتيتكم، ولا أريد أن أخبركم إلا عن نبيّكم"، وعلى هذا فقد زال الإشكال، والله تعالى أعلم.

(إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْثًا) من باب منع أي أرسل سريّة، قال الفيّوميّ: بَعَثْتُ رسولًا بَعْثًا: أوصلته، وابتعثه كذلك، وفي المطاوع: فانبعث، مثلُ كسرته فانكسر، وكل شيء ينبعث بنفسه، فإن الفعل يتعدّى إليه بنفسه، فيقال: بعثته، وكلُّ شيء لا ينبعث بنفسه، كالكتاب، والهديّة، فإن الفعل يتعدّى إليه بالباء، فيقال: بَعَثتُ به، وأوجز الفارابيّ، فقال: بَعَثَهُ: أي أَهَبَّهُ، وبَعَثَ به: وَجّهَهُ. انتهى (١). (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) هم السريّة الذين تقدّموا في قصّة أسامة - رضي الله عنه - (إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) هم الْحُرقات من جُهينة (وَإِنَّهُمُ الْتَقَوْا) بفتح القاء، أصله التقيوا، قُلبت الياء ألفًا؛ لتحرّكها، وانفتاح ما قبلها، ثم حُذفت لالتقاء الساكنين، فصار التقوا بفتح التاء؛ لأنها ليست ما قبل الواو (فَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) هو الذي قتله أسامة - رضي الله عنه -، كما تقدّم (إِذَا شَاءَ أَنْ يَقْصِدَ) بكسر الصاد، من باب ضرب (إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَصَدَ لَهُ) يقال: قصدت الشيءَ، وله، وإليه قَصْدًا، من باب ضرب: إذا طلبته بعينه (٢). (فَقَتَلَهُ، وَإِنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَصَدَ غَفْلَتَهُ) أي غفلة ذلك الرجل المشرك الذي أكثر القتل في المسلمين (قَالَ) جندب - رضي الله عنه - (وَكُنَّا نُحَدَّثُ) بضمّ النون، وفتح الدال المشدّدة: أي نُخْبَر (أَنَّهُ) أي الرجل الذي قصد غفلة ذلك المشرك (أُسَامَةُ بْنُ زيدٍ) - رضي الله عنهما -، هذا مخالف لما سيأتي من رواية الطبرانيّ في "الكبير" من طريق شهر بن حوشب، عن جندب - رضي الله عنه -، فإن فيه: أن ذلك الرجل لما مات لَفَظَتْهُ الأرض ثلاث مرّات، وهذا بيقين أنه ليس أسامة - رضي الله عنه -، إلا أن في شَهْرٍ، والراوي عنه عبد الحميد بن بَهْرام، كلامًا في الاحتجاج بهما، وقد سبق في "شرح المقدّمة" أن رجّحت كون شهرٍ حسن الحديث، لكن إذا خالفت روايته ما في "الصحيح"، فما في "الصحيح" يقدّم بلا شكّ، فليُتنبّه لذلك، والله تعالى أعلم.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٥٢.
(٢) "المصباح" ٢/ ٥٠٤.