للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[تنبيه]: قد استشكل القاضي عياض ما وقع في هذا الحديث من أن الوليمة بزينب بنت جحش كانت من الحيس الذي أهدته أم سُليم، بأن المشهور أنه - صلى الله عليه وسلم - أولم عليها بالخبز واللحم، ولم يقع في القصّة تكثير ذلك الطعام، وإنما فيه: "أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا"، وذكر في حديث الباب أن أنسًا قال: "فقال لي: ادع رجالًا، سمّاهم، وادع من لقيت، وأنه أدخلهم، ووضع - صلى الله عليه وسلم - يده على تلك الحيسة، وتكلّم بما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرة، حتى تصدّعوا كلهم عنها"، يعني تفرّقوا.

قال عياضٌ: هذا وَهَمٌ من راويه، وتركيب قصّة على أخرى.

وتعقّبه القرطبيّ بأنه لا مانع من الجمع بين الروايتين، والأَوْلى أن يقال: لا وهَمَ في ذلك، فلعلّ الذين دُعوا إلى الخبز واللحم، فأكلوا حتى شبعوا، وذهبوا، ولم يرجعوا، ولمّا بقي النفر الذين يتحدّثون جاء أنس بالحيسة، فأُمر بأن يدعو ناسًا آخرين، ومن لقي، فدخلوا، فأكلوا أيضًا حتى شبعوا، واستمرّ أولئك النفر يتحدّثون.

قال الحافظ: وهو جمعٌ لا بأس به، وأولى منه أن يقال: إن حضور الحيسة صادف حضور الخبز واللحم، فأكلوا كلهم من كلّ ذلك.

وعجبتُ من إنكار عياض وقوع تكثير الطعام في قصّه الخبز واللحم، مع أن أنسًا يقول: إنه أولم عليها بشاة، ويقول: إنه أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا، وما الذي يكون قدرُ الشاة حتى يُشبع المسلمين جميعًا، وهم يومئذ نحو الألف، لولا البركة التي حصلت من جملة آياته - صلى الله عليه وسلم - في تكثير الطعام؟. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله -، وهو توجيهٌ حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(فَجَعَلَتْهُ فِي تَوْرٍ) - بفتح التاء، وسكون الواو، آخره راء -: إناءٌ يُشرَبُ فيه، مذكّر، جمعه أتوار، كثوب وأثواب (١)، وقال النوويّ - رحمه الله -: "التَّوْرُ: بتاء مثناة فوقُ مفتوحة، ثم واو ساكنة: إناءٌ، مثلُ الْقَدَح، سبق بيانه في باب الوضوء. انتهى (٢).


(١) راجع: "القاموس" ١/ ٣٨١، و"المصباح" ١/ ٧٨.
(٢) "شرح النوويّ" ٩/ ٢٣١.