للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عتقي صداقي"، فإنه صريحٌ في تسمية المهر لها، وهو عتقها، فكيف يقال: نكحها بغير مهر؟.

وقيل: يَحْتَمِل أنه أعتقها بغير عوض، وتزوّجها بغير مهر في الحال، ولا في المآل. قال ابن الصلاح: معناه أن العتق يحِلّ محلّ الصداق، وإن لم يكن صداقًا، قال: وهذا كقولهم: الجوع زاد من لا زاد له، قال: وهذا الوجه أصحّ الأوجه، وأقربها إلى لفظ الحديث، وتبعه النوويّ في "الروضة".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: وبُعد هذا التأويل عن لفظ الحديث أظهر من أن يُظهَر، فتبصّر، ولا تتحيّر.

وقال في "الفتح" أيضًا: ومن المستغربات قول الترمذيّ بعد أن أخرج الحديث: وهو قول الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق. قال: وكرِهَ بعض أهل العلم أن يجعل صداقها حتى يجعل لها مهرًا، سوى العتق، والقول الأول أصحّ. وكذا نقل ابن حزم عن الشافعيّ. والمعروف عند الشافعيّة أن ذلك لا يصحّ.

قال: وممن قال بقول أحمد: ابن حبّان، صرّح بذلك في "صحيحه" - ٩/ ٤٠١ رقم ٤٠٩١ - .

قال ابن دقيق العيد: الظاهر مع أحمد، ومن وافقه، والقياس مع الآخرين.

فيتردد الحال بين ظنّ نشأ عن قياس، وبين ظنّ نشأ عن ظاهر الخبر، مع ما تحتمله الواقعة من الخصوصيّة، وهي وإن كانت على خلاف الأصل، لكن يتقوّى ذلك بكثرة خصائص النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في النكاح. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القياس في مقابلة ظاهر النصّ، مما لا يُلتفت إليه، وما أحسن ما قال بعضهم:

إِذَا جَالَتْ خُيُولُ النَّصِّ يَوْمًا … تُجَارِي فِي مَيَادِينِ الْكِفَاحِ

غَدَتْ شُبَهُ الْقِيَاسِيِّينَ صَرْعَى … تَطِيرُ رُؤُوسُهُنَّ مَعَ الرِّيَاحِ

ودعوى الخصوصيّة لا تصحّ إلا بدليل صحيح صريح.

والحاصل أن مذهب القائلين بجواز كون العتق صداقًا في النكاح هو الأرجح؛ لقوّة دليله، وإن أردت التحقيق في ذلك، فارجع إلى ما كتبه أبو