المقداد بن الأسود، قال: قلت: يا رسول الله، رجلٌ قَطَع يدي، ثم لاذ مِنِّي بشجرة، أأقتله؟ .. فذكر الحديث. انتهى.
ثم قال: هذا حديث وَهَمٌ من حديث الأوزاعيّ، وتفرَّد به الوليد، وعنه مشهور، وأخرجه مسلم من هذا الوجه، والصواب من حديث الأوزاعيّ، عن إبراهيم بن مُرَّة، عن الزهريّ، عن عطاء بن يزيد، عن عبيد الله بن عديّ. انتهى.
قال الجامع: سيأتي قريبًا تمام البحث في رواية الأوزاعيّ هذه - إن شاء الله تعالى -.
وأما رواية ابن جريج، فقد أخرجها الإمام أحمد في "مسنده"، فقال:
(٢٢٧١٣) حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا ابن جريج، أخبرني ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثيّ، عن عبيد الله بن عَديّ بن الخيار، أنه قال: أخبرني أن المقداد أخبره، أنه قال: يا رسول الله، أرأيت إن لقيت رجلًا من الكفار، فقاتلني، فاختلفنا ضربتين، فضرب إحدى يديَّ بالسيف، فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أقاتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقتله"، قلت: يا رسول الله، إنه قَطَع إحدى يديّ، ثم قال ذلك بعدما قطعها، أقاتله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقتله، فإن قتلته، فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال".
وكذا أخرجها أبو عوانة في "مسنده"(١/ ٦٦ - ٦٧) رقم (١٨٧).
وقوله:(وَأَمَّا مَعْمَرٌ فَفِي حَدِيثِهِ … إلخ) يعني رواية معمر بن راشد عن الزهريّ بلفظ: "فَلَمَّا أَهْوَيْتُ لِأَقْتُلَهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" بدل رواية الأوزاعيّ، وابن جريج عنه بلفظ:"أَسْلَمْتُ للهِ"، وقد تقدّم أنه بمعناه.
وقوله:(فَلَمَّا أَهْويتُ لِأَقْتُلَهُ … إلخ) معناه: مِلْتُ لقتله، قال الجوهريّ: أهوى إليه بيده ليأخذه، وقال الأصمعيّ: أهويتُ بالشيء: إذا أومأت إليه، ويقال: أهويتُ له بالسيف، فأما هَوَى: فمعناه: سَقَطَ إلى أسفل، ويقال: انهوى بمعناه، فهو مُنْهَوٍ، قاله في "المفهم"(١).