للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

شجرها؛ لأن الهجرة كانت إليها، فكان بقاء الصيد والشجر مما يزيد في زينتها، ويدعو إلى أُلفتها، كما رُوي عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن هدم آطام المدينة، فإنها من زينة المدينة.

قال أبو عمر: ليس في هذا كله حجةٌ؛ لأن حديث سعد ليس بالقويّ (١)، ولو صحّ لم يكن في نسخ أخذ السلب ما يُسقط ما صحّ من تحريم المدينة، وما تأوّله في زينة المدينة فليس بشيء؛ لأن الصحابة تلقّوا تحريم المدينة بغير هذا التأويل، وسعد قد عَمِل بما رَوَي، فأيُّ نسخ ها هنا.

قال: وفي قول أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "ما ذَعَرْتُها" دليل على أنه لا يجوز ترويع الصيد في حرم المدينة، كما لا يجوز ترويعه في الحرم -المكيّ- واللَّه أعلم.

قال: وكذلك نزعُ زيد بن ثابت من يد الرجل النَّهْس، وهو طائر، كان صاده بالمدينة دليل على أن الصحابة فَهِمُوا مراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في تحريمه صيد المدينة، فلم يجيزوا فيها الاصطياد، ولا تملّك ما يصطاد، ولذلك نَزَعَ زيد النهس، وسَرَّحه من يد صائده. انتهى كلام ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٨٢/ ٣٣٣٣ و ٣٣٣٤] (١٣٧٢)، و (البخاريّ) في "فضائل المدينة" (١٨٦٩ و ١٨٧٣)، و (الترمذيّ) في "المناقب" (٣٩٢١)، و (مالك) في "الموطّإ" (٢/ ٨٨٩)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٧/ ٢٩٥)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٢٣٦ و ٢٧٩ و ٢٨٦ و ٣٧٦)، و (أبو نعيم) في


(١) الظاهر أنه أراد بهذا السياق الذي ساقه هو، وإلا فأصل حديث سعد أخرجه مسلم، فهو صحيح بلا شكّ، فتنبّه.