للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالحجِّ بعمل العمرة إذا لم يسق الهدي، وهذا يدلّ على أن أبا موسى - رضي الله عنه - ممن يرى عموم مشروعيّة ما أمر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الفسخ، وتعدّيه لغير الصحابة، ولم ير أن ذلك خاصّ بالصحابة - رضي الله عنهم -، وهذا هو الحقّ، كما مرّ تحقيقه.

(حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رضي الله عنه -) وفي الرواية التالية: فكنت أفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر، وإمارة عمر، فإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجلٌ، فقال: "إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين … " (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا مُوسَى، أَو) للشكِّ من الراوي (يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، رُوَيْدَكَ بَعْضَ فُتْيَاكَ،) أي أمْهِل بعض ما تفتي به، ولا تستعجل.

[تنبيه]: قوله: "رويدك" اسم فعل، بمعنى أَمْهِل وأصله أَرْوِدْ إِرْوَادًا: أي أمهل إمهالًا، فصغّروا الإرواد بحذف زيادتيه، وهما الهمزة والألف، تصغير الترخيم، واستعملوه مصدرًا نائبًا عن فعله، وهو أَرْوِدْ، ثم إنه إذا انتصب ما بعده، كرُوَيْدَ زيدًا، وكـ "بعضَ فتياك" في هذا الحديث، فإنه اسم فعل، وإن انجرّ ما بعده فهو مصدرٌ، نحو رُويد زيدٍ، أي إرواد زيد، أي إمهاله، وهو منصوب بفعل مضمر، أي أروِدْ.

وفي "لسان العرب" نقلًا عن الأزهريّ - رحمه الله -: اعلم أن رُويدًا تلحقها الكاف، وهي في موضع أَفْعِلْ، وذلك قولك: رُويدَك زيدًا، ورويدَكم زيدًا، فهذه الكاف التي أُلحقت لتبيين المخاطب في رويدًا، ولا موضع لها من الإعراب؛ لأنها ليست باسم، ورُويد غيرُ مضاف إليها، وهو متعدّ إلى زيد؛ لأنه اسم سمّي به الفعلُ، يعمل عمل الأفعال، وتفسير رُويدَ: مَهْلًا، وتفسير رويدَكَ: أَمْهِلْ؛ لأن الكاف إنما تدخله إذا كان بمعنى أَفْعِلْ، دون غيره، وإنما حُرّكت الدال لالتقاء الساكنين، فنُصب نصب المصادر، وهو مصغّر، مأمور به؛ لأنه تصغير الترخيم من إرواد، وهو مصدر أرود يُروِدُ، وله أربعة أوجه: اسم فعل، وصفة، وحال، ومصدر، فالاسم نحو قولك: رُويدَ عمرًا، أي أرود عمرًا، بمعنى أمهله، والصفة نحو قولك: ساروا سيرًا رُويدًا، والحال نحو قولك: سار القوم رُويدًا، لَمَّا اتصل بالمعرفة صار حالًا لها، والمصدر نحو قولك: رُويدَ عمرٍ وبالإضافة، كقوله تعالى {فَضَرْبَ الرِّقَابِ}، وفي حديث أنجشة - رضي الله عنه -: "رُويدك رِفقًا بالقوارير": أي أمهل، وتَأَنَّ، وارفُق.