للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وستين بيده"، وكذا نقله القاضي عن جميع الرواة، سوى ابن ماهان، فإنه رواه "بدنةً قال: وكلامه صوابٌ، والأول أصوب، قال النوويّ: وكلاهما صحيح، فنحر ثلاثًا وستين بدنةً بيده.

وقال المحبّ الطبريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "ثلاثًا وستين بيده" فيه استحباب ذبح المرءِ هديه بنفسه، وعند ابن ماهان: "بدنة" مكان "بيده"، وكلّ صوابٌ، و"بيده" أصوب؛ لقوله: "ثم أعطى عليًّا، فنحر ما غَبَرَ ويجوز أن يقال: "بدنةً" أصوب؛ لأن قوله: "بيده" لا يفيد أن المنحور بدنة، أو غيرها، بخلاف قوله: "بدنةً"، وإسناد الفعل إليه يفيد أنه فعل بنفسه من حيث الظاهر، فلا حاجة إلى قوله: "بيده"، وذكر بعض أهل المعاني أن نحر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا وستين بدنة إشارة إلى منتهى عمره، ويكون قد أهدى من كلّ عام بدنة. انتهى.

وقال الشاه وليّ الله الدهلويّ: إنما نحر - صلى الله عليه وسلم - بيده هذا العدد؛ ليشكر ما أولاه الله تعالى في كلّ سنة من عمره ببدنة. انتهى (١).

وفيه استحباب تكثير الهدي، وكان هدي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في تلك السنة مائة بدنة، كما يأتي قريبًا.

وقال القرطبي - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فنحر ثلاثًا وستين بيده" هكذا رواية الجماعة، وعند ابن ماهان: "بدنة" مكان "بيده" وكلٌّ صواب، وفيه ما يدل على أن الأولى للمهدي أو للمضحي أن يتولى ذلك بيده.

وإعطاؤه ما بقي لعليٍّ لينحرها دليل على صحة النيابة في ذلك، غير أنه روي في غير كتاب مسلم: أنه إنّما أعطاه إياها ليهديها عن نفسه، ويدل عليه قوله: "وأشركه في هديه" وعلى هذا: فلا يكون فيه حجة على الاستنابة، وقيل: إنما نحر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا وستين بدنة؛ لأنها هي التي أتى بها من المدينة، كما ذكره الترمذيّ، وقيل: إنما خصَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك العدد؛ لأنه منتهى عمره؛ على ما هو الأصح في ذلك، فكأنه أهدى عن كل سنة من عمره بدنة. انتهى (٢).

(ثُمَّ أَعْطَى) بالبناء للفاعل (عَلِيًّا) - رضي الله عنه -، والمفعول الثاني محذوف؛ أي:


(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٤٠.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٤١.