للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رواية ابن عيينة: "بالعَرْج"، وهو بفتح أوّله، وإسكان ثانيه: قرية جامعة قريبة من الأبواء.

(فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ) - رضي الله عنه - (لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأسَهُ) الظاهر أنه قال ذلك اجتهادًا منه؛ لأنه ربما يتسبّب في انتتاف شعره، فخشيةً لذلك قال: لا يغسل (فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأنصَارِيِّ) - رضي الله عنه -، زاد ابن جريج، فقال: "قل له: يقرأ عليك السلامَ ابنُ أخيك عبدُ الله بن عباس، ويسألك".

(أَسْألهُ عَنْ ذَلِكَ) أي: عن حكم غسل المحرم رأسه (فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ) وفي رواية النسائيّ: "بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ"، وهو بفتح القاف: تثنية قَرْن، وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر، وشبههما من البناء، وتُمدّ بينهما خشبة يُجرّ عليها الحبل المستقَى به، وتُعلّق عليها البكرة، قاله النوويّ.

(وَهُوَ يَسْتَتِرٌ بِثَوْبٍ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل (فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) فيه أنه يُشرع السلام على من يغتسل، ولذا لم ينكر عليه أبو أيوب، وقد ثبت في "الصحيحين"، وغيرهما في قصّة أم هانئ - رضي الله عنها - أنها قالت: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عام الفتح، فوجدته يغتسل - وفاطمة ابنته تستره - قالت: فسلمت عليه، فقال: "من هذه؟ .. " الحديث.

(فَقَالَ) أبو أيوب - رضي الله عنه - (مَنْ هَذَا؟) أي: المسلّم عليه (فَقُلْتُ: أنا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، أَسْأَلكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ رَأسَهُ (قال الحافظ أبو عمر رحمه الله: الظاَهر أن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - كان عنده نصّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أخذه عن أبي أيوب، أو غيره، ولهذا قال عبد الله بن حُنين لأبي أيوب: أسألك كيف كان يغسل رأسه؟ ولم يقل: هل كان يغسل رأسه، أوْ لا؟ على حسب ما وقع فيه اختلاف بين المسور، وابن عباس.

قال الحافظ رحمه الله: ويَحْتَمِل أن يكون عبد الله بن حُنين تصرّف في السؤال لفطنته، كأنه لَمّا قال له: سله، هل يغتسل المحرم، أوْ لَا؟ فجاء، فوجده يغتسل، فَهِم من ذلك أنه يغتسل، فأحبّ أن لا يرجع إلا بفائدة، فسأله عن كيفيّة الغسل، وكأنه خصّ الرأس بالسؤال؛ لأنها موضع الإشكال في هذه المسألة؛ لأنها محلّ الشعر الذي يُخشى انتتافه، بخلاف بقية البدن غالبًا. انتهى.