وفيه استحباب إرسال السلام إلى الغائب، سواء كان أفضل من المرسل، أم لا؟ لأنه إذا أرسله إلى من هو أفضل، فمن دونه أولى، قال النوويّ: قال أصحابنا: ويجب على الرسول تبليغه، ويجب على المرسل إليه ردّ الجواب حين يبلّغه على الفور. انتهى.
وقوله:(وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا) بفتح الخاء، وضم الشين المعجمتين، لا بفتحها، كما ظُنَّ، وأصله "خَشِيوا" بكسرها، فنقلت ضمة الياء إليها؛ استثقالًا للصعود من الكسرة إلى الضمّة، ثم حذفت الياء؛ لالتقاء الساكنين، فصار "خَشُوا" بفتح، فضمّ، فليُتنبّه.
وقوله:(أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ) بالبناء للمفعول؛ أي: أن يقطعهم العدو دون أن يصلوا إليك.
وقوله:(انْتَظِرْهُمْ) بصيغة فعل الأمر، من الانتظار.
وقوله:(فَانْتَظَرَهُمْ) بصيغة فعل الماضي؛ أي: انتظر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه.
وقوله:(إِنِّي أَصَدْتُ) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في بعض النسخ، وهو بفتح الصاد المخففة، ويقال: بتشديد الصاد، وفي بعض النسخ: صِدْتُ، وفي بعضها: اصطَدْتُ، وكله صحيح. انتهى.
وقوله:(وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ) الضمير في منه يعود على الصيد المحذوف الذي دل عليه أصَدتُّ؛ أي: قطعة فضلت منه؛ أي: بقيت، وعند النسائيّ:"فأنبأته أن عندنا من لحمه فاضلةً" أي: قطعة فاضلة، أي: بقيت بعد أكله، والله تعالى أعلم.
وقوله: (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْقَوْمِ:"كُلُوا") صيغة الأمر هنا للإباحة، لا للوجوب؛ لأنها وقعت جوابًا عن سؤالهم عن الجواز، لا عن الوجوب، فوقعت الصيغة على مقتضى السؤال.
قال في "الفتح": ولم يذكر في هذه الرواية أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل من لحمها، وذُكر عند البخاريّ في روايتي أبي حازم، عن عبد الله بن أبي قتادة، ولم يَذكر ذلك أحد من الرواة عن عبد الله بن أبي قتادة غيره، ووافقه صالح بن حسان عند أحمد، وأبي داود الطيالسيّ، وأبي عوانة، ولفظه:"فقال: كلوا، وأطعموني"، وكذا لم يذكرها أحد من الرواة عن أبي قتادة نفسه إلا المطلب، عند سعيد بن منصور.