للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حسن. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الأحسن أن الصوم بعد نصف شعبان منهيّ عنه؛ لحديث العلاء بن عبد الرحمن المذكور، وهو صحيح، ويشتدّ النهي في التقدّم بيوم، أو يومين، وأما حديث عمران -رضي الله عنه-، فلا يدخل في النهي؛ لأنه قاله لرجل اعتاد الصوم، فلما سمع النهي عن التقدّم ترك عادته فأمره النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأن يصوم مكان صومه الذي تركه، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في صوم يوم الشك:

(اعلم): قال النوويّ رحمه الله: قال أصحابنا: يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان؛ إذا وقع في ألسنة الناس أنه رؤي، ولم يَقُل عدل: إنه رآه، أو قاله وقلنا: لا تقبل شهادة الواحد، أو قاله عدد من النساء، أو الصبيان، أو العبيد، أو الفساق، وهذا الحدّ لا خلاف فيه عند أصحابنا، قالوا: فأما إذا لم يَتَحَدَّث برؤيته أحد، فليس بيوم شك، سواء كانت السماء مُصْحية، أوأَطْبق الغيم هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور. انتهى كلام النوويّ رحمه الله باختصار (٢).

قال: لا يصح صوم يوم الشكّ بنية رمضان عندنا، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب، وعليّ، وابن عباس، وابن مسعود، وعمار، وحُذيفة، وأنس، وأبي هريرة، وأبي وائل، وعكرمة، وابن المسيِّب، والشعبيّ، والنخعيّ، وابن جريج، والأوزاعيّ، قال: وقال مالك: سمعتُ أهل العلم يَنْهَون عنه. هذا كلام ابن المنذر.

وممن قال به أيضًا عثمان بن عفان، وداود الظاهريّ، قال ابن المنذر: وبه أقول.

وقالت عائشة، وأختها أسماء: نصومه من رمضان، وكانت عائشة تقول: لأن أصوم يومًا من شعبان أحبّ إليّ من أن أُفطر يومًا من رمضان، وروي هذا عن عليّ أيضًا، قال العبدريّ: ولا يصح عنه، وقال الحسن، وابن سيرين: إن صام الإمام صاموا، وإن أفطر أفطروا، وقال ابن عمر، وأحمد بن حنبل: إن


(١) "الفتح" ٤/ ٦٢٥ - ٦٢٦.
(٢) "المجموع" ٦/ ٤٥٤.