للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وروى أحمد، وابن أبي شيبة، واللفظ له، من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن ابن عمر، رفعه: "الشهر تسع وعشرون، ثمّ طبّق بين كفيه مرتين، وطبّق الثالثة، فقبض الإبهام"، قالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، وإنما هجر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نساءه شهرًا، فنزل لتسع وعشرين، فقيل له، فقال: "إن الشهر يكون تسعًا وعشرين، وشهر ثلاثون".

وفي الحديث رفع لمراعاة النجوم بقوانين التعديل، وإنما المعوّل رؤية الأهلّة، وقد نُهِينا عن التكلّف، ولا شكّ أن في مراعاة ما غَمَضَ حتى لا يدرك إلا بالظنون غاية التكلّف. وفيه جواز اعتماد الإشارة الْمُفْهِمَة في مثل هذا.

قال ابن بطال رحمه اللهُ (١): هذا الحديث ناسخ لمراعاة النجوم بقوانين التعديل، وإنما المعوَّل على رؤية الأهلة، وإنما لنا أن ننظر في علم الحساب ما يكون عيانًا، أو كالعيان، وأما ما غَمَضَ حتى لا يُدْرَك إلَّا بالظنون، ويكشف الهيئات الغائبة عن الأبصار، فقد نُهينا عنه، وعن تكلفه؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث إلى الأميين.

وفي الحديث مُسْتَنَدٌ لمن رأى الحكم بالإشارة والإيماء، كمن قال لامرأته: أنت طالقٌ، وأشار بأصابعه الثلاث، فإنه يلزمه ثلاث تطليقات.

وفيه أيضًا أن يوم الشك من شعبان، فلا يجوز صومه.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تخريجه، وبيان مسائله، قريبًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٥١٢] ( … ) - (وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْبَانَ، عَن الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، بِهَذَا الإسنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلشَّهْرِ الثاني (٢) ثَلَاثينَ).


(١) راجع: "عمدة القاري" ١٠/ ٢٨٧.
(٢) وفي نسخة: "ولم يذكر الشهر الثاني".