للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان قاصّ أهل مكة، مجمع على ثقته، ومات سنة (٦٨) (ع) تقدَّم في "شرح المقدّمة" جـ ٢ ص ٤٧٣.

وقوله: (يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ … إلخ) أي: ما سبق من الحديث، والمعنى أن أبا الزبير سمع هذا الحديث من عُبيد بن عُمير مرسلاً؛ لأن عبيداً تابعيّ، ثم لقي جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، فسأله عنه، فأخبره به، فصار متّصلاً.

وقوله: (قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ … إلخ) هذا ظاهر في أن هذا مما سمعه أبو الزبير عن عُبيد مرسلاً، وليس مما سمعه عن جابر - رضي الله عنه -.

وقوله: (مَا حَقُّ الإبِلِ؟ … إلخ) قال القرطبيّ -رحمه الله-: ظاهر هذا السؤال الجواب أن هذا هو الحقّ المتوعَّد عليه فيما تقدَّم حين ذكر الإبل، وأنَّه كلُّ الحقّ، مع أنه لم يتعرَّض فيه لذكر الزكاة، وفي هذا الظاهر إشكالٌ تُزيله الرواية الأخرى التي ذُكر فيها "من" التي للتبعيض، بل وقد جاء في رواية أخرى مفسراً: "ما من صاحب إبل لا يؤدّي زكاتها"، وكذلك في الغنم، وكأنّ بعض الرواة أسقط في هذه الرواية "من"، وهي مرادة ولا بُدّ.

قال: ثم ظاهره أن هذه الخصال واجبةٌ، ولا قائل به مطلقاً، ولعلّ هذا الحديث خرج على وقت الحاجة، ووجوب المواساة، وحال الضرورة، كما كان في أول الإسلام، ويكون معنى الحديث أنه مهما تعيّنت هذه الحقوق ووجبت، فلم تُفْعَل تَعَلَّقَ بالممتنع من فعلها هذا الوعيد الشديد، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (١)، وهو تحقيقٌ نفيس، وقد تقدَّم تحقيق هذا، وأن الصواب أن في المال حقّ سوى الزكاة، وذلك عند الحاجة والضرورة، مثل أن يتعيّن مواساة الفقراء والمحتاجين، ونحو ذلك، فإنه يجب على الأغنياء أن يقوموا بسدّ حاجتهم، فتفطّن لذلك، والله تعالى أعلم.

وقوله: (حَلْبُهَا عَلَى الْمَاءِ) قال القرطبيّ: -رحمه الله-: هو بسكون اللام (٢) على المصدر، وهو الأصل في مصدر ما كان على فَعَلَ يَفْعُلُ، وقد جاء على فَعَلٍ


(١) "المفهم" ٣/ ٣١ - ٣٢.
(٢) تقدَّم أن الرواية هنا بفتحتين، وبفتح، فسكون، فالوجهان جائزان، كما أشار إليه القرطبي -رحمه الله- فتنبّه.