للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ) أي: إن لم يكن له ذنب سواه، وكان العذاب تكفيرًا له (وَإِمَّا إِلَى النَّارِ") إن كان على خلاف ذلك.

قال القاري رحمهُ اللهُ: وفيه ردّ على من يقول: إن آية {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} الآية [التوبة: ٣٤] مختصّة بأهل الكتاب، ويؤيّده القاعدة الأصوليّة: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، مع أنه لا دلالة في الحديث على خلوده في النار، قال: وبهذا يُعلم ضعف قول ابن حجر -يعني: الْهَيتميّ- أيضًا: "إما إلى الجنة" إن كان مؤمنًا بأن لم يستحلّ ترك الزكاة، "وإما إلى النار" إن كان كافرًا بأن استَحَلّ تركها. انتهى كلام القاري (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله ابن حجر الهيتميّ رحمهُ اللهُ ليس ببعيد، بل هو محتمل في معنى الحديث، فتأمله، والله تعالى أعلم.

(قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ فَالابِلُ؟) الفاء متصلة بمحذوف؛ أي: عرفنا حكم الذهب والفضّة، فما حكم الإبل؟ (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("وَلَا صَاحِبُ إِبِلٍ) بالجرّ عطفًا على "صاحب ذهب"، فيكون من باب العطف التلقينيّ، أو بالرفع على أنه فاعل لمقدّر؛ أي: ولا يوجد صاحب إبل، وقوله: (لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقِّهَا) في محلّ جرّ صفة لـ"إبل"؛ أي: لا يعطي صاحب الإبل منها حقّها؛ أي: ما يجب عليه فيها للفقراء، من الزكاة، أوأعمّ من ذلك (وَمِنْ حَقِّهَا) أي: المندوب على ما قاله الجمهور، أو الواجب على ما قاله بعضهم، وهو الحقّ على ما يأتي بيانه، قال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: و"من" للتبعيض؛ أي: بعض حقّها حلبها، وحقّها الأول أعمّ من الثاني، وذكر الثاني للاستطراد، والوعيد مرتّب على الأول، ويَحْتَمِلُ أن يكون التعذيب عليهما معًا تغليظًا. انتهى (٢). (حَلَبُهَا) بفتح اللام على اللغة المشهورة، وحُكي إسكانها، وهو غريب ضعيف، وإن كان هو القياس، قاله النوويّ (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال النوويّ رحمهُ اللهُ: غريبٌ ضعيفٌ، ولا أدري من أين أخذه، فإن كتب اللغة أثبتته، ولم تشر إلى ضعفه، قال في


(١) "المرقاة" ٤/ ٢٦٢ - ٢٦٣.
(٢) "الكاشف" ٤/ ١٤٧٢.
(٣) شرح مسلم ٧/ ٦٧.