للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثلاث ضفائر بعد أن حللناه، وغسلناه، وسرّحناه، وهو بمعنى قولها في الرواية الآتية: "فضَفَرْنا شعرَها ثلاثة أثلاث: قرنيها، وناصيتها".

وفيه حجة للشافعيّ رحمه اللهُ ومن وافقه على استحباب تسريح الشعر، ومثل المرأة في ذلك الرجل إذا كان له شعر يُنقَض؛ لأجل التنظيف، وليبلغ الماء البشرة، وذهب من منعه إلى أنه قد يفضي إلى انتشاف شعره، وأجاب من أثبته بأنه يُضمّ إلى ما انتثر منه، أفاده في "الفتح" (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تخريجه، وبقي الكلام على مذاهب العلماء في حكم مشط الشعر، فأقول:

(مسألة): في اختلاف أهل العلم في حكم تضفير شعر الميت:

قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: اختلفوا في تضفير شعر الميتة، فكان الشافعيّ يقول: يُضفّر شعر رأسها كلّه، ناصيتها، وقرنها ثلاث قرون، ثم ألقيت خلفها، وكذلك قال أحمد، وأومأ إليه إسحاق، وبه نقول؛ لحديث أم عطيّة -رضي الله عنها-.

وكان الأوزاعيّ يقول: ليس مشط رأس الميتة ثلاثة قرون بواجب، ولكن يفرّق شعرها، ويرسله مع خدّيها، وقال أصحاب الرأي: يرسل من بين ثدييها من الجانبين جميعًا، ثم يُسدل الخمار عليه. انتهى (٢).

وقال العلامة ابن الملقّن رحمه الله عند الكلام على قوله: "وجَعَلْنا رأسها ثلاثة قرون" ما حاصله: أي ثلاث ضفائر، ضفيرتين، وناصيتها، كما جاء مبيّنًا في رواية أخرى، وتضمّن ذلك التسريحَ، والضَّفْرَ، بناء على أن الغالب في أن الضَّفْر بعد التسريح، وإن كان هذا اللفظ لا يُشعر به صريحًا، وقد جاء في رواية في "الصحيح": "فمَشَطْناها ثلاثة قرون"، وبه قال الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وابن حبيب المالكي.

وقال الأوزاعيّ، والكوفيون: لا يستحبّ المشط، ولا الضَّفْر، بل يُرسَل شعرها على جانبيها مفرّقًا. ونقل القرطبيّ عن الأوزاعيّ أنه لا يجب الْمَشْطُ، وما نقلناه عن الأوزاعي تبعنا فيه النوويّ رحمه الله، ولم يَعرِف ابنُ القاسم الضَّفْر،


(١) "الفتح" ٣/ ٧١٣ - ٧١٤.
(٢) "الأوسط" ٥/ ٣٣٣.