وابن هشام آيتان من آيات الضعف، ومظهران من مظاهر الانحطاط.
وأنا أسأل الشاعر الكبير، وأقول له: من أنبأك هذا؟ ثم ما هي جريرة ابن منظور وابن هشام عندك حتى تهوي بهما إلى مكان سحيق من التخلف والانحطاط؟ أهو شيء استنبطته أنت بقراءاتك، وقامت لك شواهده، ولمعت أمامك أدلته، فنبئنا بتأويله؟ أم هو كلام سقط إليك مما نقرأه من البلايا التي تصب علينا هذه الأيام، تريد أن تغتال تاريخنا اغتيالاً، تحت شعار: تنوير العقل العربي؟ فدُلَّنا على مصدر هذا الكلام، واخرج من العُهدة فيه.
وابن منظور هنا: هو جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي الأنصاري الإِفريقي المصري، ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل رُوَيْفع بن ثابت، والإِفريقي في نسبه معناها التونسي، فقد كانت إفريقية في ذلك الزمان يراد بها تونس الآن.
ولد ابن منظور يقيناً بالقاهرة سنة ٦٣٠ هـ، ونشأ بها وتعلم وصنّف، وتوفي بها أيضاً سنة ٧١١ هـ، وخلاصة أمره أنه كان مشتغلاً بالأدب نظماً ونثراً، مع معرفة بالنحو واللغة والتاريخ، وتولى وظيفة كاتب الإِنشاء بالدولة، وكان كثير النسخ ذا خط حسن.
وقد عُرف ابن منظور باختصاره للكتب، فاختصر كتاب الأغاني، وهذبه ورتبه على الحروف، وقد طبع هذا المختصر في ثماني مجلدات.
ومن الكتب التي اختصرها ابن منظور أيضاً: الحيوان للجاحظ، وزهر الآداب للحُصري، ويتيمة الدهر للثعالبي، والذخيرة لابن بسام، ونشوار المحاضرة للتنوخي، وتاريخ بغداد للخطيب، والذيل عليه لابن النجار، وصفة الصفوة لابن الجوزي، ومفردات ابن البَيطار، وسرور النفس بمدارك الحواس الخمس للتيفاشي، نشره الدكتور إحسان عباس، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، ويقوم على تحقيقه الآن الدكتور رضوان السيد الأستاذ بالجامعة اللبنانية.