للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ففي المدرسة العربية نشأ فريدريش الثاني ووضع العلم منذ الطفولة حتى أصبح أستاذاً. وإبان عصر إحياء العلوم نجد هذه الفترة الزمنية تتشبث بعوامل أخرى، إلا أن فريدريش ألقى عكازه الذي كان يعتمد عليه لأنه أصبح في غير حاجة إليه ويستطيع السير بدونه، فهو لا يتعلم ويقتبس فقط بل أخذ يخلق، وبذلك أصبح مؤسس العلوم الحديثة، وهو يأتي بصفته هذه في طليعة جماعات كثيرة هو جدها الذي خلقها، إنه صاحب الفضل في خلق هذه الجماعات العلمية وبخاصة تلك التي قامت إلى جانب المتكلمين والإنسانيين والمصلحين، فقد حقق فريدريش فوق أولئك وطار إلى أمثال «ألبرتوس مجنوس» و «روجير بيكون» و «ليوناردو ده فينشي» و «فرنسيس بيكون» و «جاليلي»، ومن ثم إلى العصر الحديث. فهل القيصر هو البادئ؟ أو أنه حلقة في السلسلة التي تمتد من الحركة العربية العقلية، وذلك لأن «ألبرت الأكبر» و «روجير بيكون» و «ليوناردو» هم أيضا من أولئك الذين يقومون في الواقع على أكتاف العرب.

والشيء الجدير بالذكر أن خطاً مستقيماً يبتدئ بالعلوم العربية ويسير متجهاً إلى القصر الملكي الصقلي، ومن ثم إلى فريدريش الثاني. وتحدثنا القصة أن القيصر الأشتوفى زار الجراف السويبي والدومينيكاني «ألبرت فون بولشتيدت» الذي كان قريباً في تفكيره وعقليته من القيصر، في حديقته بمدينة كولونيا. ومن المؤكد أنه كانت هناك صلة بين فريدريش وبين معلم ألبرت ألا وهو «هينريش فون كولن»، وقد أعاره مخطوطة لابن سينا ونسخته الخاصة لابن رشد لكي ينسخها. ومن المؤكد أيضاً أنه أطلع ألبرت لا على هاتين النسختين فقط بل على نسخة للقيصر نفسه وهي «فن الصيد بالصقور»، فهذه الكتب كانت موضوعة على مكتب ألبرت، ويبدو لنا كما لو أن صوت فريدريش أو صوت ابن البيطار العربي هو الذي يدوى عندما يقدم كتابه في مفرداته حيث يقول: «صحة النقل فيما أذكره عن المتقدمين وأحرره عن المتأخرين، فما صح عندي بالمشاهدة والنظر وثبت لدى بالخبر لا الخبر ادخرته كنزاً سرياً .. وما كان مخالفاً في القوى والكيفية والمشاهدة الحسية في المنفعة والماهية للصواب والتحقيق أو أن ناقله أو قائله عدل فيه عن سواء الطريق نبذته ظهراً وهجرته ملياً .. ولم أحاب في ذلك قديماً لسبقه ولا محدثاً اعتمد غيري على

<<  <   >  >>