للكنيسة وللمسيحية وعن طريقه رضيت الكنيسة عن أرسطو بل عن العربي المسلم ابن رشد مفسر أرسطو وأكبر مناصريه والداعين له. وأخيراً بعد أن تبينت جامعة باريس خطر هذا الفيلسوف العربي الذي أثر في الفكر الأوربي أثراً كبيراً، ظهرت العلوم العملية ومهدت الطريق لظهور الفكر الأوربي وازدهاره.
وفي قصر فريدريش قام ميخائيل سكوتوس بأعمال الترجمة التي تولى القيصر نشرها بين الجامعات الأوربية المختلفة، فأصبحت هي التوطئة إلى الفلسفة العربية، ومن هنا أيضاً فتح الطريق إلى الرياضيات العربية والأعداد العربية حيث نجدها مذكورة في مؤلفات أمثال «ليوناردو فون بيزا» الذي كثيراً ما حل ضيفاً على القيصر وعلى صديقه ميخائيل، وقد أضاءت هذه الكتب الطريق لأوروبا كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
أما فريدريش البحاثة العبقري الذي كان دائماً مشغوفاً بالأبحاث والاطلاع كما وصفه ابنه «منفريد» فقد كان يرى في أفكار ابن رشد المصباح الوضاء الذي ينير له سبيل الحياة، كما كان يأنس إلى رفقة ميخائيل ويعتز بصداقته، فإليه كان يتوجه القيصر إذا ما عن له أمر هام أو عرضت له مسائل عويصة.
ويذكر ميخائيل سكوتوس فلكي القيصر المخلص أن القيصر استدعاه مرة ووجه مجموعة من الأسئلة الخاصة بالأرض وعجائبها، فكان القيصر وكأنه جاء من عالم آخر. ذلك القيصر الذي طرده البابا من الكنيسة يود أن يعرف كل شيء عن هذا العالم الذي يعيش فيه، يريد أن يعرف الأبعاد والمساحات والأحجام فهو يسأل: كم عدد السموات الموجودة؟ وكم عدد الأعماق؟ وكان القيصر يوجه أسئلته في شيء من الحياء والحذر، فهو يسأل مثلاً عن حجم الكرة الأرضية: سمكها وطولها والمسافة بينها وبين السماء العليا، كذلك المسافة بين الأرض وأبعد الأعماق، ثم هل هناك عمق واحد أو أكثر، وإذا وجدت أعماق متفاوتة، فما هي المسافة بين العمق والآخر؟ كذلك نجد رغبة القيصر القوية في معرفة الأعداد، وهذه خاصية عرف بها روجير الثاني أيضاً، فهو كان حريصاً على تبسيط المعلومات وتجسيدها ليسهل إدراكها وفهمها عن طريق الأعداد. وهذه الظاهرة هي التي دفعت جده أن يقوم