للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد تجلى إخلاص هذا العربي أيضاً عند موقفه من فريدريش وأصبح هذا الإخلاص مضرب الأمثال، وذلك لأنه حدث عام ١٢١٦ أن البابا «هونوريوس» الثالث لما أراد اختيار وصى لابنه الحبيب فريدريش كتب إلى العربي «ريتشارد» الرجل الذي اشتهر في روما بأنه موضع الثقة الوحيد لدى الأسرة الأشتوفية، أعني فريدريش.

ثم خلت وظيفة المستشار منذ أن فضل «فالتير فون فليجيارا» -هذا الرجل الأناني والوصي المتقلب منذ عهد شباب فريدريش. الإقامة في الخارج. فبعد عودة القيصر من ألمانيا عام ١٢٢٠ م تولى العربي ريتشارد كبير أمناء مملكة صقلية إلى جانب عمله وزارة المالية والخزانة، وكذلك الإدارة العامة للرأي. ومنحه سيده كثيراً من الأملاك في صقلية وقد ظل هذا العربي قائماً بهذه الوظائف الخطيرة في الدولة حتى وفاته عام ١٢٣٦ م وظهور هذا التغير الجوهري الخطير في التشريعات القانونية في مدارس الحقوق في شمال إيطاليا، وذلك بسبب وجود القاضيين «بطرس فون فينيا» و «ثاديوس فون سويسه» في البلاط الملكي، فقد انتقلت إليهما إدارة مصلحة الرأي بينما انتقل «يوجنيس موروس» إلى مصلحة الأمانة.

لقد بلغ وفاء ريتشارد للقيصر فريدريش حداً دفعه إلى مرافقته حتى في حملته الصليبية، ولم يكن هو المسلم الوحيد في حاشية القيصر، لذلك كان ريتشارد المسلم قذي في عيون وعاظ الحملة الصليبية فاتهموه أنه نجس قدس الأقداس. أما القول بأن ابن الجوزي أستاذ القيصر فريدريش في المنطق قد قام بدور الترجمة في هذه الحملة بين القيصر والطرف الآخر فبعيد عن الصواب، وذلك لأن القيصر كان يجيد العربية إجادة تامة. وما يقال عن ابن الجوزي يقال أيضاً عن اشتراك حملة عربية إسلامية من أبناء «لوكيرا» في هذه الحملة الصليبية، إذ إنه من المستبعد جداً أن يقاتل مسلمو صقلية مسلمي سلطان مصر وبخاصة أن القيصر فريدريش بما عرف عنه من صداقته للإسلام والمسلمين أحصف من أن يحاول هذه المحاولة، وأن يزج بالمسلمين من رعيته في حرب ضد المسلمين في الشرق وفي عكا. والآن نتساءل:

<<  <   >  >>