ففي القاعات الملكية في «لوكيرا» و «مسينا» والأماكن الأخرى كان يطرز المطرزون الملابس الملكية بالحرير والذهب، كذلك المفارش الفاخرة والسرج والأغطية المختلفة للخيول والإبل الموجودة في الإسطبلات القيصرية. إن أعمال التطريز هذه كانت تقوم بها هذه الأنامل الرقيقة الجميلة الماهرة للآنسات اللواتي اشتهرن أيضاً بغزل الحرير والصوف والقطن ونسجه وحياكته تحت إشراف الأغاوات. إن أولئك الآنسات كن سبباً في إساءة سمعة القيصر.
وكان فريدريش الثاني عندما يخرج بالشارات القيصرية التي كانت غاية في الأبهة والعظمة ممتطياً صهوة جواده الذي أهداه إليه العرب. كانت تسير خلفه النوق والإبل سيرها الوئيد دون إحداث صوت أو جلبة، وقد حمل بعضها بجزء من مكتبته، ثم الفيلة المهمة والبغال والقردة والنمر، والعرب في ثيابهم الملونة والحبش السمر يحرسونه، ثم نرى المسلمين رماة الحدق والخدم والخادمات المحجبات والأجنبيات فكان جميع هذا مادة طيبة للخيال. لذلك كان العجب يستولي على النظارة ويعتقد القوم أن للقيصر حريماً، وهذا المنظر يؤيد الشائعة التي انتشرت مروجة أن للقيصر حريماً مما دفع البابا أن يشكوه باكياً إلى المجلس المقدس:«من عدا القيصر يستطيع أن يثبت هذه التهمة؟ ».
وكان كل طفل مسلم نابه في بلاط صقلية يحمل مفتاحاً يخول له الدخول مباشرة على القيصر، وكان جميع الناس مع اختلاف ألوانهم وأجناسهم وعقائدهم وألسنتهم والذين يحملون الألقاب الرفيعة، سواء عند القيصر. وإذا أظهر خادم من خدمه نبوغاً واستعداداً لتحصيل العلم تعهده القيصر ويسر له السبيل، وقد حدث أن المعلم «يواقيم» علم خادم القصر «عبد الله» اللغة العربية قراءة وكتابة فأمر القيصر بصرف مبلغ من المال له. كما نجد الطفلين الزنجبين «مرسوخ» و «موسكا» يتلقيان علم النفخ في الأبواق الفضية التي صنعت خصيصاً لهما تنفيذاً لرغبة عالية.