في هذه الأسباب بفهم قوي حتى عرفتها، ومساحة الأقاليم فالفراسخ حتى أتقنتها، ودوراني على التخوم حتى حررتها، وتنقلي إلى الأجناد حتى عرفتها، وتفتيشي عن المذاهب حتى علمتها، وتفطني في الألسن والألوان حتى رتبتها، وتدبري في الكور حتى فصلتها، وبحثي عن الأخرجة حتى أحصيتها. . فقد تفقهت وتأدبت وتزهدت وتعبدت وفقهت وأدبت وخطبت على المنابر وأذنت على المنائر وأممت المساجد وذكرت في الجوامع واختلفت إلى المدارس ودعوت في المحافل وتكلمت في المجالس وأكلت مع الصوفية الهرائس ومع الخانقائيين الثرائد ومع النواتي العصائد وطردت في الليالي من المساجد وسحت في البراري وتهت في الصحاري وصدقت في الورع زمنًا وأكلت الحرام عيانًا وصحبت عباد جبل لبنان وخالطت حينًا السلطان وملكت العبيد وحملت على رأسي بالزنبيل وأشرفت مرارًا على الغرق وقطع على قوافلنا الطرق وخدمت القضاء والكبراء وخاطبت السلاطين والوزراء وصاحبت في الطرق الفساق وبعت البضائع في الأسواق وسجنت في الحبوس وأخذت على أني جاسوس وعاينت حرب الروم في الشواني وضرب النواقيس في الليالي. . .».
ومن مشاهير الرحالة العرب الذين اكتسبوا شهرة عالمية ابن بطوطة الذي ترك بلده طنجة وأخذ يتجول في العالم مدة لا تقل عن أربعة وعشرين عامًا قام بها بمختلف المغامرات، كذلك العالم البحاثة المسعودي أحد أبناء بغداد، فقد كان كثيرًا ما يهتم بالمواضيع الجغرافية العويصة كاتصال بحر الخزر بالبحر أو ما يتعلق بالكرة الأرضية من بحر آرال حتى زنزيبار، ومن الصين إلى إسبانيا واهتمام أيضًا بدراسة كل هذه الممالك يشير إلى أهمية المعلومات التي حصلنا عليها حول الكرة الأرضية والتي صححت الأخطاء القديمة التي كانت سائدة من قبل.
وإلى جانب الجغرافية الوصفية نجد الأخرى الفلكية حيث ظهر الفلكي الشهير البتاني وكذلك ابن يونس والبيروني وابن سعيد والإدريسي وياقوت، وقد خطوا جميعهم بنا خطوات واسعة جدًا في علم الجغرافية تفوق تلك التي عرفها العالم القديم، كما نجحوا في قياس أطوال وأعراض كثير من المدن قياسًا غاية في الدقة،