للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

شرحها فعبارة عن هذا الكتاب القيم الموسوم باسم «كتاب الرجني» نسبة إلى الملك «رجار» = «روجير».

والإدريسي بالرغم من نبوغه وعبقريته كان واحدًا من كثيرين.

ولا شك في أن الجغرافيا العربية -منذ أسفار التاجر سليمان إلى الصين، وأسفار رحالة آخرين في جنوب وجنوب شرق آسيا، والتي تمت قبل أن يقوم ماركو بولو برحلاته بنحو أربعة قرون- كانت قد بلغت أوجها في تلك الفترة، كما أثبتت أن العرب شعب مغرم بالرحلات والأسفار، فاتساع الدولة وترامي أطرافها، إلى كثرة اللغات وتنوع الثقافات، بالإضافة إلى الكرم العربي المشهور اضطر العلماء ألا يثوبوا من سفر إلا وقد أزعجهم سفر إلى مكان آخر حيث يجمعون مختلف العلوم والسير والأخبار، هذا إلى جانب زيارتهم مشاهير العلماء، فالعرب رحالة في مختلف الأقاليم وبذلك أصبحوا ذوي شهرة عالمية.

كذلك قد ترك لنا الرحالة العرب وصفًا دقيقًا لمختلف أنحاء وأطراف العالم الإسلامي، وشاركهم هذا الفضل الحجاج سواء وفدوا عن طريق البر أو البحر. فضلا عن الأسفار التي قصد من ورائها إشباع رغبة خاصة أو إرضاء هواية التنقل والرحيل، إذكاء للخيال أو المعرفة من الجولان في مختلف بلاد العالم. أما الجغرافية التي كانت تدرس بين جدران الأديرة في أوربا والتي كانت تعتمد على المراجع القديمة، وعلى الأحكام النظرية فلا تستحق الوقوف عندها والأخذ منها.

أما عند العرب، وفي العالم الإسلامي، فإننا نجد بحاثة مثل المقدسي يقرر أنه خاض معترك الحياة وعاش مع الأحداث اليومية، فقد كتب في القرن العاشر الميلادي ما نصه:

«وما تم لي جمعه إلا بعد جولاتي في البلدان ودخولي أقاليم الإسلام ولقائي العلماء وخدمتي الملوك ومجالستي القضاة ودرسي على الفقهاء، واختلافي إلى الأدباء والقراء وكتبة الحديث ومخالطة الزهاد والمتصوفين، وحضوري مجالس القصاص والمذكورين مع لزوم التجارة في كل بلد، والمعاشرة مع كل أحد والتفطن

<<  <   >  >>