للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

العربية بصلة ما وهي منها بريئة.

فالعلوم العربية يجب ألا تنتهي إلى عقلية هؤلاء العلماء الأوربيين، وقد راعت جامعة سالرنو الدقة العلمية بفضل العقلية الناضجة التي امتازت بها فخرجت طبًا حقيقًا. وهذا يؤيد هذا التسامح العقائدي الذي دفع إلى السير في طريق الجامعات العربية في الدراسات الطبية، كما نلحظ هذا في جامعة مونبيلييه التي تأثرت بمختلف التيارات والأهواء، وبالرغم من ذلك تمسكت بتقاليدها السليمة وفتحت صدرها منذ البدء للثقافة العربية التي أقبلت عليها من مختلف الجهات وتأثرت بها مونبلييه حتى النهاية دون التأثر بالظروف المدرسية الأوربية.

ولا أدل على أهمية العرب والعربية والدور الهام الذي قام به العرب في ميادين الثقافة والحضارة، من أن الباحث كان مضطرًا إذا ما أقبل على عمل بحث من البحوث إلى دراسة اللغة العربية دراسة دقيقة، كما نشاهد هذا الظاهرة مع الإسباني الشهير، الذي انحدر من أسرة غوطية غربية واسمه «أرنلد» وهو أحد أبناء مدينة «فيلانويفا» (١٣٥ - ١٣١١) فنحن نعلم أن «أرنلد» هذا فعل في بلده ما فعله من قبل «ميجويل ثرافيدا»، فهو لم يكتف بدراسة اللغة العربية وإتقانها بل أقبل على العقلية العربية وتعمق في إدراكها ودراسة الكتب العربية الطبية كما اتصل بالأطباء العرب فحصل على علم ومعرفة تميز بهما على سائر مواطنيه وانفرد من بينهم بعدم اكتراثه بعلوم وآراء مفكري أوربا. فأقبل على العلوم العربية فجنى منها بعض تراثها. كما أبدى تجاهلا لأولئك العلماء الذي كانوا سببًا في نشر الغباوة والجهل بين الأطباء اللاتين، وكرس حبه وتقديره لأمثال: علي بن عباس وابن زهر والرازي الذي سلط عليهما نوره وعلمه. فالرازي هو الرجل الذي اشتهر بالبحث والتعمق والإنتاج والتقدم والقيام بالتجارب الخاصة. والسبب الذي من أجله قدر «أرنلد» الرازي فاحتل من نفسه مكانة رفيعة هو بعينه الذي رفع من منزلة «أرنلد». وصفات الرازي كذلك هي التي احتذتها جامعة مونبيلييه فآلت أن تفكر التفكير الحر أسوة بالرازي، وأن تذود عن حرية الرأي والبحث العلمي كما فعل الرازي أيضًا.

وهناك فرع آخر من فروع الطب يقوم دليلا على بعد العرب عن الانحرافات

<<  <   >  >>