للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتلك المعرفة لم تكن معرفة رومانية أو أخرى قديمة بل حكمة عربية إسلامية.

وقبل أن يُدخِل «ليوناردو فون بيزا» الحساب العربي إلى أوربا بنحو قرن ونصف قرن، كان «قنسطنطيين» القرطاجني الإفريقي يتزعم نشر الثقافة والعلوم الطبية العربية في سالرنو، وبذلك وعن هذا الطريق أخذت العلوم الطبية العربية تتسرب إلى مختلف الأنحاء الأوربية. وقد نجح قنسطنطين فسجل لنفسه في صفحات الثقافة الأوربية اسمًا خالدًا وشهرة عظيمة فاقت تلك التي نالها «ليوناردو فون بيزا»، والسر في هذا لا يرجع إلى عبقريته ونبوغه فإن استعداده العلمي أقل كثيرًا من استعداد «ليوناردو»، لكن قنسطنين كان أمهر منه في التأثير على عصره.

وهذا هو تاريخه كما نستخلصه من الأساطير والقصص التي وضعها مؤرخوه:

في العام الذي ولد فيه الراهب «هيلدابرند» الذي أصبح فيما بعد البابا جريجور السابع، أعني عام ١٠٢٠ م ولد قنسطنطين في قرطاجنة، ولا نعلم شيئًا عما إذا كان مسلمًا أو مسيحيًا، حرًا أو عبدًا أو عتيقًا اعتنق المسيحية فيما بعد، كما لا نعرف شيئًا عن اسمه الأصلي وهو مثل «ليوناردو» نما وترعرع في البحر الأبيض المتوسط وفي محيط التجارة الشرقية وتجارة البحر الأبيض المتوسط، وقنسطنطين مثل ليوناردو قام برحلات كثيرة في الشرق طالبًا العلم والمعرفة والمغامرات، وقد قضى نحو نصف سني حياته في التحصيل والتجوال حيث كان يبيع العقاقير والأدوية، ولذلك كان على اتصال بالأطباء العرب، وكان هذا الاتصال وثيقًا، وحدث في تلك الفترة أن توفي ابن سينا وابن الهيثم. وفي بغداد ثم في حلب وأنطاكية وشيزر التقى بابن بطلان الذي كان في ذلك الوقت قد التحق بخدمة أمير شيرز وهو جد أسامة بن منقذ. وفي القاهرة كان ابن رضوان يقوم بالتدريس واتسعت شهرته.

ولما بلغ قنسطنطين الأربعين زار كتاجر للعقاقير والأدوية صقلية العربية وسالرنو المجاورة لها وبذلك دخل وللمرة الأولى أرض الإفرنج، وفي حديث بينه وبين أخي أمير سالرنو وكان طبيبًا قام بدور الترجمة بينهما بعض موظفي القصر من العرب تبين منه الضيف الشرقيي البون الشاسع جدًا بين الطب العربي والطب الأوربي، كما أدرك الفرق الكبير. لذلك وعد أطباء سالرنو بأنه سيمدهم بكثير من الأدوية

<<  <   >  >>