مريض كما، لا يقسم بمساعدة المريض الميئوس منه. وعلى النقيض كان من واجب الطبيب عدم مساعدة المريض الذي لا يرجى شفاؤه، فالطب كما جاء في رسالة أبقراط هو الفن الذي يشفي المريض تمامًا من مرضه وتخفيف وطأة آلام الأوجاع القاسية والابتعاد عن أولئك الذين لا يرجى شفاؤهم، وذلك بسبب استفحال المرض فيهم وإزمانه. ففن الطب لا يجدي معهم.
ثم جاء الإسلام بتعاليمه الإنسانية الرفيعة فاستنكر المسلمون هذا النوع من المعاملة الذي ظل قرونًا طويلة دستورًا للطب والأطباء في كثير من بلاد أوربا والشرق الأدنى، ونادى مسلم بوجوب تغيير تلك الأوضاع وبأن أول واجب على الطبيب هو العناية بالمريض حتى الذي لا يرجى شفاؤه، وهذا المسلم هو الرازي، فقد تبين أن رسالة الطبيب الحقيقية تكمن في أن على الطبيب أن يقنع مرضاه بأن حالتهم في تحسن، وأن يمنحهم الأمل في الشفاء، ولو كان غير واثق من نتيجة علاجه، فكما أن الجسد يخضع لتأثير الروح كذلك الطبيب يجب عليه أن يدخل أمل الشفاء إلى ذلك الجسد المريض مطاردًا الموت وباعثًا الحياة.
ومن الجدير بالذكر أن أحد أبناء «كيزر برج» ألا وهو «جيلر» نادى مرة قائلًا: إن الطبيب الذي يعلم أن المريض قريب من الموت، ولا يخبر المريض بهذا ثم يحاول شفاءه ويدخل إلى نفسه أمل الشفاء إن مثل هذا الطبيب يحول دون شرعة انتقال المريض إلى خالقه.
أما المسلم فعلى نقيض المسيحي يقول على الطبيب أن يفهم المريض أن مرضه قابل للشفاء وأن شفاء المريض غير ميئوس منه. هكذا يقول مواطن الرازي ألا وهو ابن سينا، إن المريض الذي يعالجه الطبيب نفسيًا وإن المريض الذي لا يرجى شفاؤه لأنه مريض مرضًا عقليًا مثله في رأي الرازي يجب أن يعامل معاملة كلها إنسانية، ولم يكن هذا مذهب الرازي فقط أو ابن سينا فقط بل الأوربيين، وإن ظلت أوربا قرونًا طويلة غير مدركة لقيمة المبادئ الإسلامية السامية. ففي أوربا نجد الشعب يجني ثمار البذور التي غرسها اليونان وغذّتها المسيحية ولا شك في أنها كانت من أبشع الغلات. فالمريض المصاب بمرض مزمن غير قابل للشفاء وبخاصة المريض