للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السلجوقي في ملك شاه في نيسابور في شرق فارس، وكذلك هولاكو المغولي في «مراغة» غرب فارس، وأولوغ بك الأمير التتري في سمرقند.

ولعل هولاكو كان الوحيد من بين جميع هؤلاء الذي لم يكن مقتنعًا تمامًا بأهمية هذا العلم وفائدته، ففي هجومه على قلب الدول العربية استطاع حفيد جنكيز خان القضاء على صغار أمراء فارس كما قتل بحد السيف الأمراء الإسماعيليين وزعماء الحشاشين، ولم يكتف بذلك بل خرب بغداد وأشعل فيها النيران وأزال من الوجود العباسيين، إلا أن الحضارة العباسية الإسلامية أبهرت أنظار هذا البدائي حتى إنه قرر العمل على الأخذ بيد القائمين عليها، فاتخذ من الرياضي العبقري والفلكي الذائع الصيت ناصر الدين الطوسي (١٢٠١ - ١٢٧٤) -والذي كان في خدمة الأمير الإسماعيلي الذي قتله هولاكو- وزيرًا لماليته.

لكن ناصر الدين كان شديد الحرص على مواصلة أبحاثه العلمية إلى جانب وظيفته؛ لذلك فهو في حاجة إلى مرصد فكان هذا الاقتراح، إلى جانب المطالبة باعتماد المبلغ اللازم لإقامته مدعاة لإشارة الشك والريب في قلب هذا البدائي المتوحش؛ لأنه ما كان يجول بخاطره أن علم الفلك هذا يتطلب إقامة مرصد، وأن المرصد يكلفه هذا المبلغ من المال. فأجابه ناصر الدين أن فائدة هذا المشروع سيتبينها هولاكو من هذا المثال البسيط الذي سيقدمه له. فقد طلب من هولاكو أن يسمح له بصناعة حوض كبير من النحاس ويضع هذا الحوض على سطح القصر، وفي المساء لما اجتمع سائر الأعيان والوجوه حول الخان أمر ناصر الدين سرًا بدحرجة هذا الحوض فأحدث صوتًا مخيفًا أوقع الرعب في قلوب جميع الحضور عدا ناصر الدين وهولاكو وكاد الآخرون يموتون رعبًا وفزعًا. فقال ناصر الدين لهولاكو تأمل أن الذي يعلم الأشياء لا يخشى وقوعها وهذا من فوائد علم الفلك، فالذي يفهم هذا اعلم لا يخشى ما قد يقه لأنه يعرف الأسباب؛ فإذا وقعت واقعة تقبلها العالم هادئ النفس لأنه عالم بها ولا يجهلها؛ فاقتنع الخان بكلام وزير ماليته وسارع إلى إجابة طلبه فرصد له الأموال الطائلة لبناء المرصد وتأثيثه فلما تم المرصد فرح به الخان فرحًا عظيمًا وأهداه مبلغا كبيرا من المال يقدر بعشرين ألف دوكات، كما زود

<<  <   >  >>