للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: أما السفرُ، فإن الفرقَ بينَهما أن العذَر المُبيحَ هناك هو مشقةُ السفر، ولا تتحقق مشقتُه إلا بيومين، والعذرُ هنا عدمُ الماء في السفر، لا السَّفَرُ؛ إذ لا مشقةَ في استعمالِ الماءِ في السفر، فحيث عدمَ الماءُ في السفر، وُجِدَ العذرُ المبيحُ، وذلك يصدقُ بالسفرِ القصير.

وأما المرضُ، فإن المبيح لتركِ الماءِ هنا هو عدمُ القدرةِ على الماءِ بالعجز؛ لعدم القدرةِ عليه بالعدم، وذلك لا يتحقَّقُ إلا بخوفِ التلفِ، ولأنهم لم يجدوا شيئاً يرجعون إليه في التَّحديدِ أقوى من تفسيرِ ابنِ عباسٍ، والمبيحُ هناك هو تيسيرُ المشقة المُشارِ إليه بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥].

* وأوجب اللهُ سبحانه الوضوءَ والتيمُّمَ عندَ المجيء من الغائطِ، وعندَ ملامسةِ النساء.

وكَنَّتِ العربُ بالغائط عنِ الخارجِ من الإنسان؛ لملازمتِه له؛ تأدُّباً، وتركاً للألفاظ المُسْتَهْجَنَةِ (١).

* والإجماعُ منعقدٌ على وجوبِ الوضوءِ والتيمُّم عندَ الخارجِ المُعْتادِ من المَخْرَجِ المُعْتادِ؛ للآية (٢).

* واختلف العلماء فيما وراءَ ذلك.

فمنهم من قصَرَ نظرَه على ذلك، فقال: كلُّ ما خرج من الخارج


(١) الغائط في الأصل: ما انخفض من الأرض، ثم انتقل معناه إلى الخارج من الإنسان. انظر: "معاني القرآن" للنحاس (٢/ ٢٧٤)، و "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/ ١٥٦).
(٢) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (١/ ٥٩)، و"المحلى" لابن حزم (١/ ٢٣٢)، و"المجموع" للنووي (٢/ ٥٠٨)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>