للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ولما أحلَّ الله - سبحانه - لنا تركَ إتمام الحجِّ لعذر الإحصار، أوجبَ علينا ما استيسرَ من الهَدْي.

وقد نحر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه هديَهم بالحُدَيبية.

وعلى هذا اتفقَ أهلُ العلمِ (١)، ولم يخالفْ في وجوبِ الهَدْيِ - فيما علمت - إلا مالكٌ؛ فإنه قال: لا يجبُ (٢)، وكان يقول: إن الهديَ في قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] هو بعينِه الذي في قوله سبحانه: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٣) [البقرة: ١٩٦]. وفيه بُعْدٌ بالتأويل.

ويلزمه أن يمنع المتمتع من الحلق قبل الذبح، وهو لم يمنعه.

وأجاب موافقوه عن ذبح الهدي يوم الحُدَيبية بأنه ليسَ بهديِ تَحلُّلٍ، بل هو هدي سيق لله - تعالى - ابتداءً من غيرِ سبب.

* والمُسْتَيْسِرُ من الهَدْي إما بَدَنَةٌ، أو سُبْعُها، أو بقرةٌ أو سُبْعُها، أو شاةٌ (٤).

(٥) قال جابرُ بن عبد الله (٦) -رضي الله تعالى عنه - أُحْصِرْنا مع


(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٤٨).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٧١)، و "التفريع" لابن الجلاب (١/ ٣٥١)، و "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: ١٣٨).
(٣) وهو قول جمهور العلماء، وعليه جماعة أهل الفتوى بالأمصار؛ منهم الأئمة الأربعة.
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٢/ ٨٧)، و "زاد المسير" لابن الجوزي (١/ ١٨٦)، و "المغني" لابن قدامة (٥/ ٤٤٧).
(٥) في "ب" زيادة "و".
(٦) "بن عبد الله" ليس في "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>