للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها وبغيرها سواء، ويجوز أن تكون منسوخةً بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (١) [البقرة: ١٩٣].

فانظر كيفَ ادَّعى الإجماع في موضع الخلاف! وهذا مجاهدٌ وطاوس من كبارِ التابعينَ، والشافعيُّ من راسخي العلماءِ يُخالفون في ذلك معَ معارضَةِ نَصِّ الكِتابِ والسُّنَّةِ، وادّعى مُساواتَها لسائِرِ البلادِ، وجَعل لفظ الشارعِ في تعظيمها وتخصيصها مهملًا فارغًا من المعنى. فحينئذٍ لا يُوثَقُ بجميع خطابه، وهذا فساد في الدين.

وأمَّا إذنُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لخالدٍ، فإنما كان في الساعة التي حَلَّت لهُ، فاستدلَّ بموضع التحليل على موضع التحريم.

وأما تحليلُه لِلُقَطَتِها، فليس بِمُجْمَعٍ عليه، فكيف يستدلُّ بموضعِ الخلافِ على موضعِ الإجماع؟ فانظر إليه كيف جعل النسخ في كتاب الله بالتجويز والإمكان من غير دليل.

وإنما أوردتُ مقالتهُ وأوضَحْتُ فسادَها، وإنْ كانتْ مُسْتَحِقَّةً لعدمِ الالتفاتِ إليها؛ لئلا يَغْتَرَّ بها الضعفاءُ. والحمد الله رب العالمين.

* ثم اختلفت الفقهاءُ أيضًا في الملتجئ إلى الحرم.

- فمنهم من قال: لا يُقتلُ (٢)، واستدلَّ بقراءة من قرأ: (لا تقتلوهم) (٣)، وبعُمومِ الحديث.


(١) نقله عنه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (١/ ٢/ ٣٢٧).
(٢) وهو قول ابن عباس، وعطاء، والزهري، ومجاهد، والشعبي، وإسحاق، وأبي حنيفة وأصحابه، وهو ظاهر مذهب الحنابلة. انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٥٢)، و"تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ١٤٣)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٢٨)، و"المغني" لابن قدامة (١٢/ ٤٠٩ - ٤١٢).
(٣) قرأ بها حمزة والكسائي والأعمش. انظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٥٦٨)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>