للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-تعالى-، وأنَّ حرمتَها مُؤَبَّدَةٌ إلى يومِ القيامة.

وأما استدلالُ مَنْ أباحَ القِتال بالمعنى: بأنَّ قتالَ الكفارِ والبُغاةِ من حُقوقِ اللهِ -سبحانه-، فيجب حفظُها، ولا يجوز إضاعتُها، وحفظُها في المسجدِ الحرامِ أولى، ولأنه إذا جازَ قتلُ الفواسِقِ الخَمْسِ لفسقها، وهي لا تكليف عليها، فقتلُ الفاسقِ المُكَلَّفِ أَوْلى، فلا حُجَّةَ فيه مَعَ وجودِ نَصِّ الكتاب والسُّنَّةِ.

وأما حفظُ حقِّ اللهِ -سبحانَهُ- في المسجدِ الحَرامِ، فَمُمْكِنٌ، وهو أن نقاتِلَهُم إنْ وجدناهم خارجَ المسجدِ الحَرامِ، ونأخذَهُم بالأسر من المَسْجدِ الحَرامِ من غيرِ قتلٍ ولا سفكِ دمٍ إنْ أمكنَ، وإلا فَنُضيِّقُ (١) عليهم حتى يبدؤوا بالقتال، فحينئذٍ نَقتلهم؛ كما أحلَّ اللهُ -سبحانه- ذلك، ثم نطَهِّرُ المسجدَ الحرامَ منهم، ونحرسُه فلا يقربونه؛ كما قالَ -جلَّ جلالهُ [{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: ٥].

وَكما قال جل جلاله] (٢) -: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨].

وأما قتلُ الفواسقِ الخمس، فإنَّ قتلَها مباح في الأصلِ؛ لأنها غيرُ صيدٍ، وكذلك يجوزُ قتلُ غيرِها مِمَّا ليس بصيد، ما لم يُنْهَ عنه. وتخصيصُ الفواسِقِ بالذكر؛ لفِسقها، فقتلُها مستحبٌّ، وليس بواجب، وغيرها مِمّا لا فسق فيه قتلُهُ جائز، وليس بمستحبٍّ، فهذا فائدةُ


(١) في "ب": "فيضيق".
(٢) ما بين معكوفتين ليس في "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>